من قاع الخابية: "فَرْشِي لْخْبَارْ نْعَاوْدْ لِيكْ لْحَصِيرَةْ" "الكَعْبُورِيَّة"

 من قاع الخابية: "فَرْشِي لْخْبَارْ نْعَاوْدْ لِيكْ لْحَصِيرَةْ" "الكَعْبُورِيَّة"
قصة قصيرة / السبت 08 مارس 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:فهد الباهي/إيطاليا

كانا يتصالحان بعد خصام عنيف بـ "حْكْ لِيكُورْ وَبِيكْسُوي"، أنجبت عشرة أولاد على الأقل، سنة واحدة هي الفرق بين الواحد وأخوه، ثلاثة يتخاطفون على ثدييها وهي "مَشْبُوحَة" متكئة على ظهرها في المرح الكبير البارد مرشوش بالماء، نسمات هواء خفيفة رائعة تتماوج في الأروقة "قْدَّامْ النَّبْحْ" تحت سقف مبني بالأعمدة جوانبه من "المِقْدَارْ الطِّينِي" ، مغطى بالقصب مغشى بغطاء بلاستيكي فوقه طلاء من الطين ممزوج بقشات التبن.

الدجاجة تخدش بقدميها كل لحظة لتخرج من باطن الأرض ديدانًا وحشرات أو أي شيء تطعمه لكتاكيتها الصغار، الكلبة تلهث ولسانها في الرمل طريحة مددت أثداءها لجرائها لتطعمهم حليبها، "الكَعْبُورِيَّة" لا تعرف حبوب أقراص منع الحمل ولم تسمع بها من قبل.

يتسلل "الكَعْبُورِي" إلى "الكُوشِينَة" المطبخ لا يريد أن يقلق راحة زوجته "الكَعْبُورِيَّة"، يقمقم ويبحث عن شيء يسد به رمق جوعه بعد قضاء يوم شاق في الحقل، يبحث في أعلى الرف لا يجد شيئًا، في الأسفل لا يجد شيئًا، في جميع جوانب "الكُوشِينَة" لا يجد شيئًا.

 أووه، يغضب "الكَعْبُورِي" ويصرخ بأعلى صوته: " وَالْمَسْخُوطَة فْرَسِيتِينِي نْتِي وْلَادْكْ"، يتنصل من أبوته للحظات أمام الجوع ويتحول إلى وحش، "رَانِي مَا لْقِيتْ مَا نَاكُلْ"، تقفز "الكَعْبُورِيَّة" من مكانها وتترك صغارها يتباكون: " مَالْكْ دَاخِلْ بْعْجَاجْتَكْ"، "الخُبْزْ  فْي الصَّرَّةْ السَّمْنْ فْي الخَابْيَةْ وَسِيرْ لْحْضَانَةْ جِيبْ بِيضَاتْ نْطِيبْ لِيكْ البْرْطِيطْ"، تقصد "الأومليط".

انتهى الأمر، حلت السيدة العظيمة "الكَعْبُورِيَّة" المشكلة.

 تخرج حبوب القمح من المطمورة وتضع الرحى بين فخذيها وتشرع في عملية الطحن، والتيلة والغربال ذوو العيون الواسعة والضيقة عند رجليها لتبدأ عملية تصفية "الطحين الجيد والعادي والتشيشة والنخالة..."، وتوزعها في قلل أو براميل قصديرية متنوعة الأشكال لتصنع منها مأكولات مختلفة: "الكْسْكْسْ، وَالمْلُوي بْشْحْمَةْ، وَالبْطْبُوطْ، الرِّفِيسَةْ العْمْيَةْ، المُضْهُوسَةْ، المْرْشُوشْ، وَالحَلْحُولْ، وَالرْغَايِفْ، وَالحَرْشَةْ"، ومأكولات أخرى مغربية الأصل جميلة ورائعة المذاق.

 تطهوا كل طعامها في فرنها التقليدي الطيني البدائي الذي توقده "بْالوُكِيدْ" بعد أن تعجن روث البهائم وتخلطه بطحالب الأعشاب وتيبسه بأشعة الشمس فوق سطح "الكُورِي" الذي هو مربط البهائم والخيول وتحوله إلى مادة سريعة الاشتعال تطهو بها الطعام لصغارها وزوجها "الكَعْبُورِي" على مدار السنة.، ويا له من مذاق .

شاهدت "الكَعْبُورِيَّة" زوجها "الكَعْبُورِي" وهو يحمل في يده "غْلايْ" ماء ويتوضأ و"يُولَحْ لْلعْمْشَةْ"  بنت الجيران بيديه المبتلتين بماء الوضوء، تأخر وتمادى، انتبهت "الكَعْبُورِيَّة"  لذلك .

 بعد التحقق ورقابة عينية، لم تصبر وتتمالك نفسها حركتها أحاسيس الغيرة "الكَعْبُورِيَّة" قالت بصوت مرتفع: "الصَّلَاةْ وَمَاكْلَةْ القَمْلْ بْحَالْ القِرْدْ وَنُوضْ عَنْدْ العْمْشَةْ"، تارة ثائرة  "الكَعْبُورِي"  ضربها بـ "الغْلايْ" المملوء بالماء ولم يكمل وضوءه .

هربت "الكَعْبُورِيَّة" ودخلت مخدعها، لحق بها وشدها من شعرها وبدأ يوجه لها لكمات في أنحاء متفرقة من جسمها  "طْحْنَةْ عْمُودْ وَصَافِي"، بكت وصرخت، تدخل الجيران مباشرة بعدما أطلقت رادار طلب النجدة  "وَالْعْدَاوْ أعْبَادْ الله" .

تجمع نساء الحارة "شِي يَكْوِي شِي كِيبْخْ"، تقول :  " يْطُو"، " عدو كافر يْدِيرْهَا أُخْيْتِي وَيْدِيرْ مَا كْثَرْ مِنْهَا سُولِينِي أَنَا عْلَى الرَّجَالَةْ"، تجيبها  "يَامْنَةْ"، "نَعْلِي الشِّيطَانْ يْضْرْبْهَا مَا يْخَلِّي مَنْ يْضْرْبْهَا رَاهْ رَاجْلْهَا..."، المهم، الضرب موجود لا محالة .

جرت "الكَعْبُورِيَّة"  فريقها العشري إلى بيت والدها تأكل وتشرب وتنام و"بَاهَا عَانِي بِيها"، إلى أن تدخل ذوو النوايا الحسنة وهزوا رخلة وذبحوها عند باب والد "الكَعْبُورِيَّة"  ورموا عليه العار، فما كان من والدها إلا أن هدأ من روع ابنته ورضي عليها دنيا وأخرة وطلب منها العودة لبيت زوجها حفاظًا على أسرتها من التشتت .  

استسلمت "الكَعْبُورِيَّة"  لدموعها وطلب أمها وأبيها، وصحا ضمير زوجها "الكَعْبُورِي" فجأة، وقال لـ: "الكَعْبُورِيَّة"  "نَمْشِيُو الخِيمَةْ تَفْرْشِي لِيَا الخْبَارْ وَنْعَاوْدْ لِيكْ لْحَصِيرَةْ، عْقَلْتِي نْهَارْ مْشِينَا لْمْدِينَةْ وَجْلَسْنَا فْي المْحْلَبَةْ وَأَكْلْنَا جُوجْ حْكَاكْ لِيكُورْ وَبِيكْسُوي" وَكُنَّا مَزَالْ مْخْطُوبِينْ وَشَدُّونَا الجَارْدَامِيَةْ" .

ضحكت الطيبة المكافحة "الكَعْبُورِيَّة ونسيت كل شيء، وعادت الفرحة من جديد، وعادت إلى بيتها لتطعم زوجها من حضانة الدجاج وتعيش في حضن زوجها مع صغارها .

"الجَارْدَامِيَةْ" رجال الدرك حاليًا وكان هذا الإسم شائعا، "لِيكُورْ"  يوغورت المقصود دانون في الثمانينيات هكذا كا ينطق عند الغالبية، "بِيكْسُوي" كان يقصد به بيمو بيسكويت، وعدم نطقها بطرق سليمة وقتها وهو الإسم الشائع كان يعطيها نوعًا من الفكاهة .

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك