الصياد والعصفور الذهبي.. عندما هزمت المحبة كبرياء الملوك

الصياد والعصفور الذهبي.. عندما هزمت المحبة كبرياء الملوك
قصة قصيرة / الاثنين 03 مارس 2025 - 00:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: هيئة التحرير

في مملكة بعيدة يحكمها ملك عظيم، كانت تعيش ابنته الوحيدة مدللة لا يُرفض لها طلب.

كل ما اشتهته نالته، وكل ما تمنته تحقق بأمر من والدها، حتى صارت مغرورة متطلبة، لا تقبل بأقل مما تحلم به، وذات يوم، بينما كانت تتجول في حديقة القصر، أبصرت عصفورًا نادرًا في كتاب مصور، كان ذا ريش ذهبي وبهي الطلعة، ففتنت بجماله وقررت أن لا تهنأ حتى يكون هذا العصفور بين يديها.

أمرت والدها الملك بإحضاره، فأرسل رجاله وجنوده للصيد، لكن سرعان ما عادوا خائبين، فالعصفور كان يعيش في غابة موحشة، تعج بالوحوش المفترسة والأخطار القاتلة.

عندها، أعلن الملك عن مكافأة ضخمة لمن ينجح في اصطياده، لكن الخوف منع الجميع من المحاولة، حتى ظهر شاب فقير يعمل صيادًا، تقدم دون تردد وأعلن استعداده لخوض المغامرة.

حذره الجميع، ونصحوه بعدم التهور، لكنه لم يبالِ، بل شحذ همته، وأخذ قوسه وسهامه، ثم انطلق إلى الغابة الموحشة، متحديًا كل الأخطار، متسلحًا بشجاعته ومهارته، تسلل بين الأشجار الكثيفة، وواجه الضواري بدهاء، حتى بلغ العصفور في عشه، وعلى الرغم من صعوبة المهمة، استطاع بذكائه أن يصطاده دون أن يؤذيه.

عاد الصياد إلى القصر حاملاً العصفور في قفص مصنوع من الأعواد وأوراق الشجر حاكه بيديه، وعندما قدمه للملك، احتشد الناس لرؤية الرجل الذي أنجز ما عجز عنه الجميع.

 ابتسم الملك وقال: "خذ جائزتك، لقد أتممت المهمة المستحيلة"، لكن الصياد، وقد كان شامخ النفس، أجاب بصوت ثابت: "حاشا لي أن آخذ مقابلًا على نزوة فتاة مدللة".

كانت الأميرة تسترق السمع من شرفة قصرها، وقد وقع كلام الصياد على قلبها كالسهم، لأول مرة، وجدت من يتحدث عنها بغير تملق، ومن لم ينحنِ لسلطتها أو يغريه مال والدها، شعرت بإعجاب شديد نحوه، وشعرت أن هذا الرجل يملك شيئًا لم يمتلكه أحد من رجال القصر.

في اليوم التالي، طلبت من والدها أن يسمح لها برؤية الصياد، فوافق متعجبًا، وعندما التقته، نظرت إليه بعينين يملؤهما الشغف، وقالت: "أيها الصياد، هل كنت سترفضني لو كنت أنا المكافأة؟".

 ابتسم الصياد وقال: "القلوب لا تُشترى بالمكافآت، لكنها تهوى من تشاء".

لم تستطع الأميرة نسيان كلماته، وعندما صارحت والدها برغبتها في الزواج منه، رفض بغضب وقال: "كيف تتزوجين رجلاً فقيرًا، وأنتِ أميرة المملكة؟".

لكنها وقفت في وجهه لأول مرة في حياتها، قائلة: "لو كان الغنى بالمال، لكنت أغنى النساء، لكنني وجدت رجلاً أغنى مني و منك قلبًا وروحًا".

حاول الملك أن يثنيها عن قرارها، لكنه أدرك أنها تغيرت، فلم تعد الفتاة المدللة التي تنحني لرغباته، بل أصبحت امرأة تعرف ما تريد.

وبعد طول رفض، اضطر في النهاية إلى الرضوخ، فأعلن زواج ابنته من الصياد الذي كسب قلبها بشجاعته وكبريائه.

احتفل أهل المملكة بزفاف الأميرة والصياد، وتحولت الحكاية إلى أسطورة تتناقلها الأجيال، أما العصفور أسير القفص الذهبي، فقد فتحا له القفص وأطلقاه ليحلق في السماء، فقد كان رمزًا لحب حر، لا يُحبس خلف قضبان، تمامًا كقلب الأميرة الذي تحرر من غروره، ووجد حريته في الحب الحقيقي.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك