المغرب الجريح..صرخات من تحت الركام الاجتماعي والاقتصادي

المغرب الجريح..صرخات من تحت الركام الاجتماعي والاقتصادي
ديكريبتاج / الثلاثاء 15 يوليو 2025 - 11:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا

تعيش المنظومة الاجتماعية المغربية اليوم على وقع تصدعات عميقة تكاد تعصف بالثقة التي ما تزال تربط المواطن بمؤسسات الدولة.

فالمغرب لم يعد يعاني فقط من أزمة عابرة، بل بات يعيش اختناقًا اجتماعيًا حقيقيًا، قوامه القهر والتهميش واللاعدالة، في ظل تفشي مظاهر الفساد، والرشوة، والمحسوبية، والعبث الإداري الذي لم يعد خافيًا على أحد، ما جعل فئات واسعة من الشعب تشعر بالغربة داخل وطنها.

المشهد بات مخيفًا ومفزعًا، مواطن يسكب البنزين على جسده ويحترق حيًا في تطوان، وآخر يهدد بالانتحار من أعلى عمود كهربائي بعد أن أُقصي من وظيفة بسيطة كمقدم في "دار بلعامري"، وشاب فقد فلذة كبده في ظروف غامضة ويصرخ يطلب فتح تحقيق دون مجيب من قبل رجال الدرك الملكي..، وفتيات معطلات يخترن تعليق المشانق على رقابهن في عز صمتهن الجريح، وصاحب صهريج الماء العالي يعرض حياة رجل من رجل الوقاية المدنية للخطر، وينهي حياته، في مشهد مأساوي يعكس انهيار المعنى والكرامة والحد الأدنى من الأمل.

هذه ليست سوى صور دامية من مشهد أكبر وأخطر، يُخفي خلفه معاناة الآلاف ممن يُعتقلون في صمت، أو يُسحقون في مخافر الشرطة دون أن يسمع أنينهم أحد، أو يرقدون في أروقة المستشفيات العمومية البئيسة بلا دواء ولا رعاية، بينما ثروات البلاد تنهب في وضح النهار من قبل لوبيات تعيش فوق المحاسبة والمسؤولية.

إننا اليوم أمام مفترق طرق حاسم، إما أن نعترف بأننا نعيش أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة تتطلب إصلاحًا جذريًا وشاملًا، وإما أن نستمر في تزويق الواجهة، بينما الوطن ينزف من الداخل ويجرجر أبناءه نحو اليأس والدمار الذاتي، لا يمكن الاستمرار في دفن الرؤوس في الرمال، فحجم الانفجار القادم سيكون خارج كل حسابات الاستقرار الزائف.

المنظومة الحالية، بصيغتها "النيوليبرالية" المتوحشة، لم تعد صالحة لحفظ السلم الاجتماعي، آن الأوان لبناء دولة اجتماعية حقيقية، تستثمر في الإنسان وتعيد الاعتبار للكرامة والعدالة وتوزيع الثروة، قبل أن نجد أنفسنا أمام مجتمع مأزوم بالكامل، فاقد للأمل، تتسع فيه الفجوة بين السلطة والمواطن حتى درجة الانفجار.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك