توافق على ضرورة إصلاح القوانين الانتخابية قبل 2026..بين رهانات 2030 ومخاوف إعادة إنتاج الخريطة نفسها

توافق على ضرورة إصلاح القوانين الانتخابية قبل 2026..بين رهانات 2030 ومخاوف إعادة إنتاج الخريطة نفسها
ديكريبتاج / الأربعاء 02 يوليو 2025 - 21:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي

في ظل التحضيرات الجارية للاستحقاقات الانتخابية المزمع تنظيمها سنة 2026، يتزايد التوافق بين مختلف الفرقاء السياسيين بالمغرب، سواء من داخل الأغلبية الحكومية أو صفوف المعارضة، حول الحاجة الملحة لإصلاح شامل للقوانين الانتخابية، وعلى رأسها مدونة الانتخابات.

هذا التوافق النادر في المشهد السياسي الوطني يعكس إدراكًا جماعيًا بأن الانتخابات القادمة لن تكون مجرد محطة دورية، بل مفترق طرق حاسم سيرسم معالم مغرب ما قبل وما بعد 2030، في ظل رهانات تنموية ضخمة واستحقاقات دولية مرتقبة، أبرزها تنظيم كأس العالم.

أحزاب الأغلبية: الإصلاح بحذر ووفق المصلحة

رغم التصريحات العلنية التي تدعو إلى تطوير المنظومة الانتخابية، تبدو أحزاب الأغلبية الحكومية أقل اندفاعًا في المطالبة بتعديل مدونة الانتخابات.

السبب، وفق ملاحظين سياسيين، يعود إلى استفادة هذه الأحزاب من القوانين الحالية التي أوصلتها إلى تدبير الشأن العام، وسمحت لها ببناء قواعد انتخابية واسعة مستفيدة من نمط الاقتراع الحالي وتوزيع المقاعد وفق قاعدة "القاسم الانتخابي".

ويذهب البعض إلى اعتبار أن بعض مكونات الأغلبية تفضل الإبقاء على الصيغة الحالية، على الأقل إلى ما بعد انتخابات 2026، حتى تضمن استمرار هيمنتها على الخريطة السياسية، وتتحاشى أي مفاجآت قد تفرزها تغييرات جوهرية في قوانين الترشح أو التصويت.

المعارضة: مطالب بتغيير جذري

في المقابل، تُظهر أحزاب المعارضة، بمختلف أطيافها، حماسة أكبر للإصلاح، وترى في تجديد القوانين الانتخابية مدخلًا أساسيًا لإعادة التوازن للمشهد السياسي، ورفع منسوب المصداقية في المؤسسات المنتخبة، وتوسيع المشاركة الشعبية في العمليات الانتخابية، التي لا تزال تعاني من عزوف متزايد في صفوف الناخبين الشباب.

وتقترح بعض الأصوات داخل المعارضة مراجعة عميقة لمنظومة التمثيل النسبي، وآليات التزكية داخل الأحزاب، واعتماد نظام اقتراع مزدوج (لوائح وفردي)، بالإضافة إلى تقييد الاستعمال المفرط للمال السياسي خلال الحملات، وإعادة النظر في عدد الدوائر وتوزيعها الجغرافي.

الرهانات الكبرى تفرض إصلاحًا حقيقيًا

تعتبر الانتخابات المقبلة محطة محورية في أفق ما بعد 2026، حيث من المنتظر أن يكون المغرب في قلب دينامية اقتصادية وتنموية هائلة استعدادًا لاحتضان مونديال 2030، إلى جانب مشاريع استراتيجية مثل تعميم الحماية الاجتماعية، وتوسيع شبكة البنيات التحتية، وتفعيل الجهوية المتقدمة.

هذه السياقات تجعل من الاستحقاقات السياسية القادمة اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة النخبة السياسية على مرافقة تطلعات المجتمع، وتأمين مؤسسات منتخبة ذات مشروعية شعبية وتمثيلية فعلية.

ومن هنا، يُطرح السؤال بحدة: هل يمكن خوض هذا التحدي بقوانين انتخابية صُممت في سياقات مغايرة ولا تعكس توازنات اليوم؟

تحدي الثقة في المؤسسات

أحد أبرز المبررات التي تُطرح اليوم في النقاش العمومي حول ضرورة الإصلاح الانتخابي، هو الحاجة إلى ترميم العلاقة المتوترة بين المواطن والسياسة، بعد سنوات من التراجع في نسب المشاركة، وتصاعد موجات التشكيك في جدوى التصويت.

ويرى مراقبون أن إصلاح القوانين الانتخابية يجب أن يتجاوز الجانب التقني، ليطال جوانب تعزز شفافية العملية السياسية، وتضمن تمثيلية فعلية للفئات المهمشة، وتُعطي فرصة أكبر للنخب الجديدة للولوج إلى المؤسسات المنتخبة، دون أن تكون رهينة للوبيات المال أو الولاءات القبلية والحزبية الضيقة.

خلاصات وتوصيات

في ظل الإجماع السياسي الحالي، فإن الفرصة مواتية لتدشين ورش وطني شامل لإصلاح المنظومة الانتخابية، بإشراك الأحزاب، والمجتمع المدني، والهيئات الدستورية المعنية، من أجل صياغة قواعد أكثر عدالة وتوازنا.

ويُنتظر من الحكومة، باعتبارها الجهة التنفيذية، أن تُبادر إلى فتح مشاورات جدية، وتُبرهن على أن تدبيرها للاستحقاق الانتخابي القادم لن يكون مجرد تمرين تقني، بل فعل ديمقراطي مؤسس يعيد الثقة ويُهيّئ البلاد لمرحلة 2030 بما يلزم من نجاعة، ومصداقية، وشمولية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك