أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
يمتلك المغرب مؤهلات هائلة لخلق الثروة، موقع إستراتيجي، أسواق مفتوحة، بنية تحتية متطورة، وقطاعات صاعدة مثل الطاقات المتجددة والصناعة والخدمات الرقمية.
لكن هذه الفرص تصطدم بواقع صلب، حيث سيطرة شبكات نفوذ محدودة تحكم قبضتها على أهم روافد الاقتصاد، وتمنع أي دينامية منافسة حقيقية يمكن أن تفتح المجال أمام المقاولات الصغرى والمتوسطة أو أمام المستثمرين الشباب.
خدام السلطة يصنعون الثروة والبقية تتفرج
ما يُسمّى بـ"خدام الدولة" وشبكات القرب من السلطة، يشكلون العمود الفقري لمنظومة احتكارية تتحكم في العقار، الطاقات، الصفقات العمومية، الاستيراد، وتوزيع الثروات.
هؤلاء ليسوا مجرد رجال أعمال، بل فاعلين محميين بشبكات سياسية وإدارية، تضمن لهم الامتيازات، وتغلق السوق في وجه كل من يحاول دخولها بدون “ظهر”.
احتكار يعطّل الابتكار
في بيئة طبيعية تحمي قوانين الاقتصاد، يُحرّك التنافس الاستثمار، ويخلق فرص الشغل، ويُنتج الثروة.
لكن في المغرب، تُغلق الأبواب أمام المشاريع الواعدة حين لا تمر عبر القنوات المعروفة، والنتيجة، غياب سوق تنافسية، هروب الكفاءات، وإجهاض آلاف الأفكار والمبادرات.
في المقابل بالمملكة المغربية، تُصنع الثروات الكبرى، من خلال الريع والامتيازات، والقرب من دوائر النفوذ، بدل الجرأة والابتكار.
اقتصاد يُدار من فوق
الاستثمار الخاص الحقيقي بالمغرب، يظل مرهوناً بالإشارات السياسية، والتقرب من السلطة، أكثر من منطق السوق.
فالمشاريع الكبرى والأكثر تحقيقا للربح، تُمنح لنفس الدوائر، والقطاعات الحيوية تُدار كأنها “مزارع” خاصة.
وفي ظل هذا النموذج، يصبح خلق الثروة شأناً عمودياً، تُحدده قرارات فوقية لا دينامية اقتصادية، بينما يبقى المواطن والمقاول الصغير مجرد متفرج.
المستقبل ممكن إذا سقطت خطوط الحماية
إعادة توزيع الفرص جزء أساسي من إعادة بناء الثقة.، ما لم يُفتح السوق فعلاً أمام الجميع، وتُكسر الامتيازات غير المشروعة، ويُفَعَّل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، فستبقى الثروة محصورة داخل نفس الدائرة الضيقة.
فالمغرب قادر على أن يصبح قوة اقتصادية صاعدة، لكن ذلك لن يحدث بينما تظل مفاتيح الثراء محتكرة من طرف فئة قليلة، قررت أن الاقتصاد شأن خاص وليست مصلحة عامة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك