أنتلجنسيا المغرب:رضا بنعثمان
في يوم (5 مارس 2025)، برزت معلومتان منفصلتان في الأخبار: من جهة، مفاوضات بين "ستارلينك"، مزود الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التابع لإيلون ماسك، والمغرب من أجل الانتشار في الأقاليم الحنوبية؛
ومن جهة أخرى، تجدد النزاع القضائي بين منير ماجيدي، السكرتير الخاص للعاهل المغربي محمد السادس، ومنصة "إكس" (تويتر سابقًا).
ورغم أن هذين الملفين قد يبدوان غير مرتبطين بشكل مباشر، إلا أنهما يعكسان قضايا مشتركة تتعلق بإدارة المعلومات والسيادة الرقمية.
ستارلينك والأقاليم الجنوبية: توسع استراتيجي
وفقًا لبعض المصادر، قد تفكر شركة "ستارلينك" في توسيع شبكتها عبر الأقمار الصناعية إلى الأقاليم الجنوبية، وهي منطقة يديرها المغرب لكن وضعها محل نزاع على الصعيد الدولي.
ويُقال إن هذا المشروع يتم متابعته عن كثب من قبل رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالتنسيق مع الديوان الملكي.
وقد يسهم وصول "ستارلينك" في تحسين الاتصالات في هذه المنطقة من خلال تقليل الاعتماد على البنى التحتية الأرضية التقليدية.
ومع ذلك، يثير هذا المشروع عدة تساؤلات قانونية. رغم أن الولوج إلى الإنترنت عبر الأقمار الصناعية يعد تقنية عابرة للحدود، فإنه يظل خاضعًا لتشريعات الدول التي يتم نشره فيها.
قد يسعى المغرب إلى تنظيم هذا التوسع من خلال فرض شروط محددة، خاصة فيما يتعلق بالامتثال للقانون 09-08 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية والقانون 24-96 المتعلق بالاتصالات. بالإضافة إلى ذلك، قد تبرز بعض التساؤلات حول آليات تنظيم المحتوى المتاح عبر هذه الشبكة، حيث تعتبر إدارة المعلومات مسألة استراتيجية.
قضية ماجيدي-تويتر: نزاع حول السمعة الرقمية
في نفس اليوم، ظهرت قضية قضائية أخرى إلى السطح: تلك التي تشمل منير ماجيدي ومنصة "إكس".
هذا النزاع، الذي بدأ في عام 2022 أمام القضاء الفرنسي، يتعلق بطلب تعديل سيرة ذاتية لحساب مملوك لزكريا المومني، ملاكم سابق أصبح منشئ محتوى على الإنترنت.
تسلط هذه القضية الضوء على التوترات المتكررة بين إدارة الصورة العامة وحرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي.
من الناحية القانونية، تنطوي هذه الوضعية في إطار التشريعات المتعلقة بمسؤولية مقدمي الخدمة وحق تصحيح المعلومات.
في فرنسا، يُنظم هذا الموضوع بموجب "قانون الثقة في الاقتصاد الرقمي" (LCEN) و"اللائحة العامة لحماية البيانات" (RGPD) التي تفرض على المنصات التزامات محددة.
ومع ذلك، تظل مسألة تعديل المحتوى موضوعًا معقدًا، حيث تعتمد المنصات في كثير من الأحيان على مبدأ الحياد والمعايير الدولية في مجال حرية التعبير.
التقاء المصالح؟
يثير تزامن هذين الحدثين تساؤلات حول الديناميات الحالية للمشهد الرقمي في المغرب. قد يمثل نشر "ستارلينك" فرصة تكنولوجية واستراتيجية في آن واحد، من خلال تنويع وسائل الوصول إلى الإنترنت بينما يطرح في الوقت نفسه تحديات جديدة في مجال التنظيم والسيطرة على المحتوى.
من ناحية أخرى، يُظهر استمرار النزاع بين منير ماجيدي و"إكس" المخاوف المتعلقة بإدارة السمعة عبر الإنترنت والتوترات القائمة بين الشخصيات العامة والمنصات الرقمية.
ومن وجهة نظر أوسع، تندرج هذه العناصر في اتجاه عالمي حيث تسعى الدول إلى تعديل إطارها القانوني لمواكبة تطورات الفضاء السيبراني.
وتظل التساؤلات قائمة: كيف يمكن التوفيق بين الابتكار التكنولوجي، واحترام الحريات الرقمية، وسيادة الدول في إدارة المعلومات؟
إذا تأكدت هذه التطورات، فإنها تستحق تحليلًا دقيقًا من حيث تداعياتها على الصعيدين التكنولوجي والقانوني والسياسي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك