
أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
في بيان ناري توصلت به
"أنتلجنسيا المغرب"، حذرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان من
التوسع الخطير لظاهرة الاتجار بالبشر، معتبرة أن ما يجري داخل مخيمات تندوف يشكل
جريمة منظمة عابرة للحدود، تُرتكب يوميًا في حق أطفال يُجندون قسرًا ويُستغلون تحت
أنظار العالم، دون مساءلة أو تدخل دولي فعال.
وجاء في ذات البيان أن شبكات الاتجار
بالأشخاص باتت أكثر شراسة، تستغل هشاشة الأفراد، وتسوقهم في مسارات الاستغلال
الجنسي والعمالة القسرية والابتزاز، بينما تُمارَس انتهاكات جسيمة في حق القاصرين
داخل المخيمات، حيث يجري الزج بهم في تدريبات عسكرية ممنهجة تحت إشراف ميليشيات
البوليساريو، في تجاوز خطير لكل المواثيق الدولية.
وأكدت العصبة أن الدولة المغربية
مطالبة برفع مستوى التجاوب الأمني والقضائي، وتفكيك الشبكات الداخلية والخارجية،
مشددة على أن حماية الضحايا مسؤولية جماعية تستوجب تفعيل القانون، وتوسيع دائرة
التنسيق الوطني والدولي، والعمل على محاسبة المتورطين، وتجفيف منابع الاستغلال
والاستعباد الحديث.
نــص البيـــان كامـــــلا:
العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان المكتب المركزي
بيان بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الاتجار بالأشخاص
"مكافحة الاتجار بالبشر مسؤولية جماعية وعدالة منصفة للضحايا"
بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الاتجار بالأشخاص، الذي يصادف 30 يوليوز من كل سنة، تتابع العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بقلق بالغ استفحال ظاهرة الاتجار بالبشر في مختلف بقاع العالم، حيث تتغذى هذه الجريمة الخطيرة على شبكات إجرامية منظمة، وتستغل هشاشة الأفراد والاختلالات القانونية والاجتماعية لتوسيع أنشطتها الإجرامية، سواء داخل الدول أو عبر الحدود.
وحسب المعطيات الدولية الحديثة، فقد تم الكشف بين سنتي 2020 و2023 عن أكثر من 200 ألف ضحية للاتجار بالبشر، وهو رقم لا يعكس سوى جزءًا صغيرًا من الحجم الحقيقي لهذه الجريمة، بالنظر إلى العدد الكبير من الحالات غير المبلغ عنها، التي تبقى في طي الكتمان بسبب الخوف، أو غياب الثقة في المؤسسات، أو ضعف آليات الحماية.
ان انخراط المغرب في المنظومة الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر، من خلال مصادقته على البروتوكول الملحق باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية (بروتوكول باليرمو)، وسنه للقانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، لم يحل دون استمرار الممارسات الميدانية التي تمنعه من التقدم في هذا المجال، سواء على مستوى الحماية، أو التتبع القضائي، أو الكشف المبكر عن الضحايا.
وتشير التقارير الوطنية والدولية إلى استمرار حالات استغلال الأطفال في التسول، وتشغيل القاصرات في الخدمة المنزلية، وتهريب النساء عبر الحدود بهدف الاستغلال الجنسي، بالإضافة إلى حالات متزايدة من تهجير الشباب المغربي نحو الخارج عبر شبكات تتاجر في معاناتهم، وتعرضهم للخداع أو الابتزاز أو العمل القسري في ظروف غير إنسانية، ولعل الوقائع التي عرفتها الساحة المغربية موخرا، كحادثة ما سمي ب"بالهروب الجماعي" على مستوى مدينة الفنيدق المتاخمة لسبتة المحتلة خير مثال يمكن استجضاره في هذه الحالة.
كما رصدت العصبة في
السنوات الأخيرة ضعفًا في قدرات السلطات
على تحديد ضحايا الاتجار بالبشر، خاصة بين فئات المهاجرين غير النظاميين
وطالبي اللجوء، الذين يُنظر إليهم أحيانًا كمخالفين للقانون بدل اعتبارهم ضحايا
يحتاجون إلى حماية عاجلة.
وسجلت الرأي العام الدولي خلال السنوات الأخيرة تواتر وتصاعد حالات
الاتجار بالأطفال في مخيمات تندوف، إذ
يعتبر هذا الخرق من أخطر
الانتهاكات التي تُمارس
أمام صمت دولي مقلق، حيث يتعرض عدد من
القاصرين إلى تجنيد عسكري إجباري في صفوف ميليشيات البوليساريو، في انتهاك صارخ
لحقوق الطفل ولمقتضيات البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشأن
إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة.
وتستغل، عصابات الاتجار بالأشخاص تحت إشراف قيادة البوليساريو، هشاشة الأوضاع الاجتماعية والنفسية لعائلات الأطفال، لفرض هذا النوع من الاستغلال المنهجي، دون محاسبة أو رقابة مستقلة، ويتم ترحيلها لإخضاعهم لتداريب عسكرية شاقة في دول أخرى بعيدا عن اهاليهم، ما يجعل من المخيمات بؤرة لانتهاكات ممنهجة للقانون الدولي الإنساني.
وفي موازاة ذلك، يتم توظيف الأطفال داخل المخيمات في بعثات إلى دول أجنبية تحت غطاء “تبادل ثقافي” أو “عطل تضامنية”، لكن بعضها يُستغل لأغراض أيديولوجية وتبشيرية، ولخدمة أجندات سياسية لا علاقة لها بمصلحة الطفل الفضلى، بل تُسهم في تفكيك هويته الثقافية والدينية، وتُعرضه لخطابات متطرفة تخلّ بتوازنه النفسي والاجتماعي، أمام غياب أي رقابة قضائية أو حقوقية محايدة.
إن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان تعتبر أن الدولة المغربية مطالبة بتعزيز مقاربتها الحقوقية في مكافحة الاتجار بالبشر، عبر:
* تفعيل فعال للقانون 27.14، من خلال الملاحقة القضائية الجادة للجناة، وتفكيك الشبكات الإجرامية المتورطة في استغلال الأشخاص؛
* إنشاء وحدات متخصصة في الامن والنيابة العامة، مع توفير التكوين المستمر في مجال التعرف على الضحايا والتعامل معهم وفق مقاربة إنسانية تحترم الكرامة؛
* توفير آليات الحماية والدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للضحايا، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، بمن فيهم النساء والأطفال والمهاجرون؛
* تحسين التنسيق بين القطاعات الحكومية والمؤسسات الأمنية والقضائية والمجتمع المدني، لضمان استجابة شاملة وفعالة لهذه الجريمة المتشعبة؛
* اعتماد التكنولوجيا الرقمية في رصد وتتبع الشبكات الإجرامية، لا سيما عبر المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت أدوات رئيسية في التوظيف والاستقطاب والاستغلال؛
* تخصيص رقم أخضر للمبلغين عن شبكات الاتجار في الاشخاص و شبكات الهجرة السرية؛
* دعم المبادرات الحقوقية والجمهورية الرامية إلى رصد وتتبع و محاربة الهجرة السرية و شبكات الاتجار بالاشخاص؛
* تنظيم حملات توعوية وتحسيسية وبرامج إعلامية تعرف بجرائم الاتجار في الاشخاص وتحد من امتدادها؛
* تعزيز التعاون الدولي في تتبع شبكات الاتجار بالبشر، وتبادل المعلومات والخبرات بين الدول؛
* مراقبة سلاسل التوريد العالمية، لا سيما في القطاعات التي تعتمد على اليد العاملة الرخيصة أو الهشة، لتفادي التواطؤ مع ممارسات العمل القسري .
* دعوة الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق مستقل حول حالات تجنيد الأطفال والاستغلال التبشيري داخل مخيمات تندوف، تحت إشراف آليات حقوق الإنسان المعنية؛
* مطالبة الجزائر، بصفتها دولة مضيفة، بتحمل مسؤولياتها القانونية في حماية الأطفال داخل أراضيها وفق القانون الدولي؛
* العمل على تشكيل لجنة مغاربية أو إفريقية مستقلة لرصد أوضاع حقوق الإنسان داخل المخيمات، وخاصة أوضاع القاصرين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بعيداً عن الاستغلال السياسي.
كما تشدد العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان على أهمية الدور الذي يضطلع به المجتمع المدني في التحسيس بخطورة الاتجار بالبشر، والدفاع عن حقوق الضحايا، وتوفير الدعم والمرافقة لهم، وتدعو السلطات إلى عدم التضييق على الجمعيات والمنظمات الحقوقية العاملة في هذا المجال، وتمكينها من الموارد والدعم اللازمين للقيام بمهامها.
ان هذا اليوم العالمي، هو
مناسبة لنجدد التأكيد فيه على أن محاربة الاتجار بالبشر تتطلب إرادة سياسية قوية،
ومنظومة تشريعية ومؤسساتية فعالة، ومجتمعًا واعيًا ومعبّأ، كما نجدد التزامنا
الثابت بالدفاع عن الكرامة الإنسانية لكل الضحايا، والمرافعة من أجل مغرب خالٍ من
الاستغلال والاستعباد الحديث، حيث تُصان فيه الحقوق وتُحترم الكرامة، دون تمييز أو
إقصاء.
حرر بالرباط بتاريخ: 30 يوليوز 2025
عن المكتب المركزي
العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك