عندما تهرب حكومة أخنوش من مسؤولياتها وتُلوّح بالملكية

عندما تهرب حكومة أخنوش من مسؤولياتها وتُلوّح بالملكية
تقارير / الثلاثاء 16 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

في خرجة سياسية أخيرة من الناظور، لم يتعامل محمد أوجار، القيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار، مع حصيلة الحكومة بوصفها نتاج اختيارات حزبية واضحة، بل أعاد تقديمها داخل قالب يُسند “هندسة الإصلاح” للمؤسسة الملكية، ويُنزّل الحكومة في مرتبة المنفذ المطيع.

هذا الخطاب، في جوهره، لا يبدو دفاعًا عن الأداء بقدر ما هو إزاحة ذكية للمسؤولية، عبر خلطٍ مقصود بين ما هو استراتيجي سيادي وما هو تنفيذي سياسي، وبين التحكيم الملكي الذي يؤطر الخيارات الكبرى، والعمل الحكومي الذي يُفترض أن يُحاسَب عليه حزبيًا وشعبيًا.

التنصل من المسؤولية باسم الوفاء

حين يقدّم حزب يقود الحكومة بأغلبية مريحة نفسه كأداة تنفيذ لا أكثر، فإن الأمر لا يتعلق بتواضع سياسي، بل بارتباك في تسويق الحصيلة.

فالتجمع الوطني للأحرار خاض انتخابات 2021 ببرنامج مفصل، ووعود دقيقة، وسقف توقعات مرتفع، وعلى رأسها الشغل وتحسين القدرة الشرائية.

والتراجع اليوم إلى خطاب “ننفذ فقط” يطرح سؤالًا بسيطًا ومحرجًا: من يتحمل إذن مسؤولية الإخفاقات؟ وهل يُعقل أن يُختزل القرار التنفيذي، بكل ما يملكه من أدوات وسلطات، في مجرد تنفيذ توجيهات؟

الدستور واضح والمحاسبة أوضح

دستور 2011 لم يترك هامشًا لهذا الالتباس. فقد منح لرئيس الحكومة صلاحيات مركزية في رسم السياسات العمومية، وتنسيق العمل الحكومي، واقتراح التعيينات، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

فالإكثار من الاحتماء بالمرجعية الملكية في الدفاع عن الأداء الحكومي، لا يفرغ فقط الاختيار الدستوري من روحه، بل يُربك منطق المحاسبة ذاته.

والدولة لها استمراريتها ورمزيتها، أما الحكومة فاسمها وبرنامجها ونتائجها معروضة على ميزان الناخبين.

خطاب الإنجاز في مواجهة الغضب الاجتماعي

دعوة أوجار إلى “حوارات موضوعية” للتعريف بإنجازات الحكومة، واتهام المنتقدين بتغذية الأكاذيب، تتجاهل حقيقة صلبة، مفادها أن الغضب الاجتماعي لا تصنعه المعارضة، بل تولّده الحياة اليومية.

فالمغاربة الذين يواجهون ارتفاع الأسعار، وتكاليف السكن، وفواتير الماء والكهرباء، لا ينتظرون بلاغات ولا منصات خطابية، بل أثرًا ملموسًا في معيشتهم. هنا يتسع الشرخ بين لغة الإنجاز المعلنة وواقع اجتماعي ضاغط.

مليون منصب شغل والوعد الذي لم يحقق

جعل حزب الأحرار من وعد خلق مليون منصب شغل عنوانًا مركزيًا لحملته الانتخابية.

وبعد أربع سنوات من عمر الولاية، ما تزال البطالة مرتفعة، خصوصًا وسط الشباب وحاملي الشهادات، وتتسع دائرة الهشاشة في المدن والقرى.

السؤال لم يعد سياسيًا فقط، بل رقميًا أيضًا، أين الأرقام؟ وأين الأثر؟ وكيف يمكن الحديث عن “مرحلة ما بعد الوعود” دون تقديم حصيلة قابلة للتحقق؟

الملكية فوق الأحزاب لا درعًا لها

استحضار الملكية بهذا الزخم في الخطاب الحزبي لا يخدم لا الحكومة ولا المؤسسة الملكية.

فالملك محمد السادس حسم هذا الالتباس منذ سنوات حين أكد أن الحزب الوحيد الذي ينتمي إليه هو المغرب، وأنه يقف على مسافة واحدة من الجميع.

فتحويل هذه المرجعية الجامعة إلى مظلة دفاع حزبي يُسيء إلى التعاقد الديمقراطي، ويُربك الفصل الضروري بين من يضمن الاستقرار ويؤطر الخيارات الكبرى، ومن يدبر ويُحاسَب.

نحو 2026..ساعة الحساب لا التبرير

مع اقتراب استحقاقات 2026، لن يكون الرهان في عدد اللقاءات ولا في كثافة الخطاب الدفاعي، بل في لحظة المحاسبة.

خصوصا وأن صناديق الاقتراع لا تصغي للتبريرات بقدر ما تستشعر الواقع. والواقع اليوم، في نظر شريحة واسعة من المغاربة، يتسم بغلاء خانق، وثقة مهزوزة، وشعور متنامٍ بأن وعود 2021 كانت أكبر من قدرة الحكومة على الوفاء بها.

السؤال الذي لا مهرب منه

هل يملك حزب التجمع الوطني للأحرار الجرأة للدفاع عن حصيلته باسمه وبرنامجه، أم سيواصل الاحتماء بخطاب “نحن ننفذ فقط”؟

سؤال سيبقى مفتوحًا، لكن جوابه لن يُكتب في المنصات ولا في القاعات المغلقة، بل في مزاج ناخبين راكموا خيبات أكثر مما لمسوا منجزات.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك