أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي
لم تكن الأمطار الأخيرة التي شهدتها عدة مدن مغربية استثنائية من حيث الكمية، لكنها كانت كافية لفضح هشاشة البنيات التحتية وعجزها عن الصمود أمام أول اختبار حقيقي.
شوارع تحولت إلى برك مائية، طرق مقطوعة، أحياء معزولة، وحوادث سير متكررة، في مشهد يتكرر مع كل موسم مطري ويطرح سؤال الجاهزية والنجاعة.
تصريف المياه ونقطة الضعف المزمنة
أبرز ما كشفت عنه التساقطات، هو الاختلال الكبير في شبكات تصريف مياه الأمطار، سواء داخل المدن الكبرى أو بالمراكز الحضرية الصغرى.
فهناك، قنوات مسدودة، تجهيزات مهترئة، وغياب الصيانة الدورية، ما يجعل أي تساقط متوسط يتحول إلى أزمة محلية، ويعكس خللاً بنيوياً في التخطيط والتنفيذ والمراقبة.
مليارات مرصودة ونتائج غائبة
رغم الميزانيات الضخمة التي تُعلن سنوياً لتأهيل الطرق، وتحديث البنيات التحتية، وبرامج “التأهيل الحضري”، فإن الواقع الميداني يكشف فجوة صارخة بين الخطاب الرسمي والإنجاز الفعلي.
فالمشاريع تُدشَّن على الورق، لكنها تفشل عملياً عند أول امتحان طبيعي، ما يثير شبهة سوء التدبير وغياب ربط المسؤولية بالمحاسبة.
مسؤولية الحكومة والدولة
المشهد الحالي يضع الحكومة والدولة معاً في دائرة المساءلة، باعتبار أن البنية التحتية ليست شأناً تقنياً فقط، بل خياراً سياسياً واستثماراً استراتيجياً.
حيث، ضعف التنسيق بين القطاعات، وتشتت المسؤوليات بين الجماعات والوزارات، وغياب المراقبة الصارمة لجودة الأشغال، كلها عوامل تتحملها السلطة التنفيذية بشكل مباشر.
مواطنون بلا حماية
في ظل هذا الوضع، يبقى المواطن الحلقة الأضعف، يواجه الخطر اليومي على الطرقات، وخسائر مادية داخل الأحياء، وقلقاً متكرراً مع كل نشرة جوية.
ومع تزايد تأثيرات التغيرات المناخية، لم يعد مقبولاً استمرار التعامل مع الأمطار كحدث طارئ، بل كمعطى دائم يفرض بنية تحتية قوية، واستباقاً حقيقياً، وسياسات عمومية تحمي الناس بدل الاكتفاء بتبرير الفشل بعد وقوعه.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك