أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
رغم ما يملكه المغرب من تنوع طبيعي وجغرافي فريد، وسواحل ممتدة على واجهتين بحريتين، وغنى تاريخي وثقافي يضرب بجذوره في أعماق الحضارة، إلا أن المملكة لا تزال غائبة عن قوائم أفضل الوجهات السياحية في العالم.
هذا التناقض الغريب دفع عدداً من الفاعلين السياسيين إلى دق ناقوس الخطر بشأن فشل السياسات السياحية في استثمار هذا الرصيد الثمين.
النائب البرلماني خالد السطي، عضو مجلس المستشارين عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، تساءل عن سبب استمرار المغرب خارج مصاف الوجهات السياحية العشر الأولى، رغم أن دولاً تعاني من أزمات أمنية واقتصادية عميقة، أو تعرف توتراً سياسياً مستمراً، استطاعت أن تفرض نفسها على الساحة العالمية للسياحة.
ساحل متوسطي مهمش وبنية غير مستثمرة
في سؤال كتابي وُجّه إلى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، عبّر السطي عن استغرابه من الوضع المتردي الذي تعرفه مناطق واعدة، خصوصاً الساحل المتوسطي الذي يمتد من السعيدية شرقاً إلى طنجة غرباً.
هذا الشريط البحري، الغني بطبيعته ومناخه، يظل حسب السطي، "شبه مهمل"، باستثناء بعض الاستثناءات كمرتيل والمضيق، في وقت كان يُفترض أن يتحوّل إلى قطب سياحي متوسطي بمقاييس عالمية.
فغياب رؤية استثمارية واضحة، وافتقار للبنية التحتية السياحية الجاذبة، أجهض إمكانيات تحويل هذا الفضاء الطبيعي الخلاب إلى وجهة تجذب السياح من مختلف أنحاء العالم، وتساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي والوطني.
مدن تاريخية تعاني التهميش
ولم يخفِ السطي قلقه من حال مدن تاريخية عريقة مثل فاس ومكناس وسلا، التي لا تزال تعاني من التهميش وغياب سياسة ثقافية وسياحية لإعادة تأهيلها ودمجها ضمن خارطة الجذب السياحي الدولي.
هذه الحواضر، التي تختزن إرثاً عمرانياً وفنياً وإنسانياً استثنائياً، ما تزال خارج دوائر الاستثمار السياحي، رغم قدرتها على منافسة كبريات المدن التراثية في العالم إذا ما تم تأهيلها وترويجها بالشكل المطلوب.
الجبال خارج الخدمة السياحية
أما المناطق الجبلية التي تزخر بجمالية طبيعية ساحرة، مثل شفشاون وتاونات وتازة ووزان، فهي الأخرى تعاني من غياب المرافق والخدمات السياحية الأساسية، وتفتقر إلى الحد الأدنى من البنية التحتية السياحية.
هذه المناطق، التي من شأنها أن تُقدم تجربة سياحية مختلفة وفريدة لعشاق الطبيعة والهدوء، ما تزال خارج حسابات المخططات الرسمية، رغم ما يمكن أن تشكله من قيمة مضافة.
أي إستراتيجية لتغيير الواقع؟
في خضم هذا الوضع المقلق، تساءل المستشار البرلماني عن الرؤية التي تعتمدها الوزارة الوصية لتنشيط السياحة في المناطق غير المستغلة، وعمّا إذا كانت هناك مشاريع فعلية لتحويل الساحل المتوسطي إلى قطب سياحي تنافسي يعكس مؤهلات المغرب، ويُعيد الاعتبار إلى مناطقه المهمشة.
وفي ظل غياب المغرب عن التصنيفات السياحية العالمية المتقدمة، يبقى الرهان قائماً على ضرورة وضع إستراتيجية شاملة، لا تقتصر على الترويج الخارجي، بل تنطلق من إعادة هيكلة العرض السياحي الداخلي، وتأهيل البنى التحتية، وتوزيع الاستثمارات بشكل عادل على مختلف الجهات، مع إشراك الفاعلين المحليين في بلورة حلول واقعية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك