أنتلجنسيا المغرب:عبد الله البارودي
أكد تقرير حديث للمركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، أن السياسة الفلاحية المغربية، رغم نجاحها في التصدير وجلب الاستثمارات، جاءت بثمن باهظ.
فالاستراتيجيات الفلاحية المتعاقبة، من المخطط الأخضر إلى الجيل الأخضر، ضغطت بشدة على الموارد المائية، خاصة الجوفية، وعززت التبعية للخارج في المحاصيل الأساسية.
في وقت توسعت فيه الزراعات الموجهة للتصدير مثل الأفوكادو والبطيخ الأحمر، مستنزفة كميات هائلة من الماء، وكرست فجوة عميقة بين الفلاحين الكبار الموجهين للتصدير والفلاحين الصغار.
الإعانات بلا فعالية والحكامة مهملة
أوضح التقرير أن الدعم المالي للسقي الموضعي عرف اختلالات تقنية كبيرة، واستنزف صناديق الدعم دون مردودية حقيقية على أرض الواقع.
فالفلاحة العصرية استفادت بشكل كبير من الإعانات، بينما بقيت الزراعة التضامنية marginalisée، ما أدى إلى اتساع الفوارق الاجتماعية والمجالية في القرى والمناطق البورية المعتمدة على الأمطار، وزيادة هشاشة السكان المحليين.
إجهاد مائي يهدد الأمن الغذائي
الاستراتيجية المغربية أنتجت تصديراً ضخماً للمياه الافتراضية عبر المنتجات الفلاحية، في وقت يعاني فيه المغرب من شح مائي غير مسبوق.
تقرير المركز المذكور، أبرز كذلك أن استهلاك الأفوكادو بمعدل 8000 متر مكعب للهكتار سنوياً، والبطيخ الأحمر بما بين 3800 و4300 متر مكعب، في مناطق مثل زاكورة، حيث تعاني الفرشات المائية من استنزاف مفرط.
هذا التوسع المائي، إلى جانب التغير المناخي، يضع الأمن الغذائي للبلاد تحت ضغط كبير ويجعل الاعتماد على الاستيراد أمراً لا مفر منه.
عدالة اجتماعية مفقودة وهجرة قسرية
توجه الاستثمارات الفلاحية نحو مناطق محددة ذات بنية تحتية متطورة، تاركة المناطق القروية الهشة تحت وطأة ندرة المياه والفقر، ما دفع العديد من السكان للهجرة نحو المدن.
هذا الوضع يهدد قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الأساسية ويزيد من تفاقم التفاوت الاجتماعي.
توصيات من أجل إنقاذ السيادة المائية والغذائية
دعا التقرير إلى إعادة توجيه السياسات الفلاحية نحو الأمن الغذائي الداخلي، عبر دعم الزراعات المعيشية (الحبوب والقطاني) وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
كما اقترح ربط الدعم الفلاحي بترشيد المياه، منع الزراعات المفرطة الاستهلاك للماء، تشجيع الزراعات الذكية، إصلاح الحكامة المالية، وتعزيز التعاونيات والتنمية المحلية لضمان استدامة القطاع الفلاحي وحماية الموارد للأجيال المقبلة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك