مانديلا:اثنا عشر عاماً على رحيل آخر حُماة الكرامة في عالم يزداد ظُلماً

مانديلا:اثنا عشر عاماً على رحيل آخر حُماة الكرامة في عالم يزداد ظُلماً
سياسة / السبت 06 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

بعد اثني عشر عاماً على رحيل نيلسون مانديلا، ما زال اسمه يتردّد كصدى أخلاقي نادر في عالم فقد الكثير من بوصلته.

الرجل الذي خرج من زنزانة ضيقة ليُصبح وجهاً كونياً للحرية لم يغادر الذاكرة، لأنه لم يكن مجرد زعيم سياسي، بل كان مدرسة كاملة في مواجهة الطغيان بإرادة لا تنكسر، وفي تحويل الألم إلى طاقة جماعية تُحرّك شعوباً بأكملها.

مانديلا لم يترك خلفه حزباً فقط، ولا مشروع دولة وحسب، بل ترك نموذجاً إنسانياً أصبح اليوم عملة نادرة. في زمن تتزايد فيه الأنظمة التي تخنق أصوات الشعوب، وتنهض فيه قوى الاستبداد بوجوه جديدة وأدوات أكثر قسوة، يبرز غياب مانديلا كفراغ أخلاقي هائل. فقد استطاع أن يُبرهن أن النضال يمكن أن ينتصر بلا انتقام، وأن المصالحة ليست ضعفاً، بل قمّة القوة.

وحتى بعد مرور أكثر من عقد على رحيله، لا يزال العالم يكشف حجم الخسارة. فالقادة الذين يشبهونه أصبحوا أقلّ، والمعارك التي كان يلهمها أصبحت أشدّ وعورة.

ومع ذلك، تبقى سيرته مثل شعلة لا تنطفئ في يد كل من يرفض الظلم، من إفريقيا إلى آسيا وأمريكا اللاتينية والعالم العربي.

فالاحتفاء بذكرى مانديلا ليس حنيناً إلى الماضي، بل تذكيراً بأن الاستقامة السياسية ممكنة، وأن النضال من أجل الكرامة ليس مجرد شعار، وأن شخصية واحدة يمكن أن تغيّر مصير أمّة، وأن أخلاق القائد قد تكون أهم من خطبه وبرامجه.

بعد اثني عشر عاماً، لا يزال مانديلا قدوة تُربّي الأمل في قلوب المحرومين، وتُحرج الطغاة، وتُعيد تعريف معنى الشجاعة في زمن أصبح فيه الصمت بديلاً سهلاً.

لقد رحل الجسد، لكن الفكرة ما زالت حيّة، تتنفس في كل مكان يُرفع فيه صوتٌ ضد الظلم أو تُكتب فيه كلمةٌ تُقاوم الخوف.

مانديلا لم يُغادر لأن العالم ما زال يحتاجه.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك