أنتلجنسيا المغرب: أبو دعاء
شهدت مدينة شرم الشيخ بمصر انعقاد
المؤتمر الخامس والعشرين للمنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة
“الإنكوساي”، حيث برزت مشاركة المجلس الأعلى للحسابات المغربي كأحد أهم الفاعلين
في مجال الحكامة المالية والرقابة الحديثة. وقد شكّل هذا الحدث الدولي منصة بارزة
لتقاسم التجارب حول تطوير آليات المراقبة في زمن الأزمات، واستعراض سبل توظيف
الذكاء الاصطناعي في إعداد التقارير الرقابية، بما يعزز الشفافية والمساءلة عبر
العالم.
زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس
الأعلى للحسابات، أكدت أن مشاركة المغرب لم تكن شكلية، بل جاءت لتقديم حصيلة عمل
المنظمة الإفريقية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة “الأفروساي”، التي
يتولى المغرب أمانتها العامة. وأبرزت أن المملكة حرصت على إبراز رؤيتها حول ضرورة
تقييم الثقة بين المواطن والمؤسسات العمومية، عبر أدوات رقابية أكثر دقة وفعالية
تضمن سلامة تدبير المال العام وتحفّز على المساءلة المسؤولة.
وشددت العدوي على أن المؤتمر شكل
مناسبة لإطلاق نقاش دولي حول التحديات الجديدة التي تواجه الأجهزة الرقابية،
خصوصًا ما يتعلق بالاستعمال غير المسؤول للذكاء الاصطناعي في صياغة التقارير
المالية. ودعت إلى توحيد المعايير والممارسات الدولية من أجل صون مصداقية العمل
الرقابي وضمان استقلاليته، معتبرة أن الثقة هي الرأسمال المعنوي لأي مؤسسة رقابية
في العالم.
كما صادقت الجمعية العامة للإنكوساي
على تعديل نظامها الأساسي، بضمّ المنظمة الدولية للأجهزة العليا ذات الاختصاصات
القضائية “جوريساي”، التي ساهم المغرب في تأسيسها، في خطوة وُصفت بأنها تعزز
التكامل بين الرقابة المالية والمساءلة القضائية. وقدّم الوفد المغربي، برئاسة
العدوي، مقترحات عملية لتعزيز الكفاءة المؤسسية وتبادل الممارسات الفضلى، بما يدعم
الرقابة كآلية لحماية المال العام وضمان التنمية المستدامة.
على هامش المؤتمر، عقد وفد المجلس
الأعلى للحسابات لقاءات ثنائية مع نظرائه من روسيا وفرنسا والبرتغال وهولندا،
إضافة إلى مبادرة تنمية الإنكوساي، لبحث آفاق التعاون وتطوير مشاريع مشتركة في
مجالات الرقابة المالية وتبادل الخبرات. هذه اللقاءات عكست ثقة متزايدة في الدور
الذي بات يلعبه المغرب كفاعل إقليمي رائد في مجال الحكامة الجيدة والمساءلة
المالية.
وفي مداخلة نوعية خلال الجمعية العامة
لمنظمة جوريساي، تناول المجلس الأعلى للحسابات موضوع “تفعيل المساءلة القضائية
للمدبرين العموميين في سياق الأزمات المالية والصحية”، حيث عرض التجربة المغربية
في محاسبة المسؤولين العموميين وضمان توازن دقيق بين الإنصاف والصرامة القانونية.
وقد لاقت هذه المداخلة إشادة واسعة باعتبارها نموذجًا لرقابة قضائية فعالة
ومتوازنة.
واختتمت زينب العدوي مشاركتها بحضورها
أشغال المجلس التنفيذي التاسع والسبعين للمنظمة الدولية، الذي ناقش سبل تعزيز
الحوكمة داخل الأجهزة العليا للرقابة. وبذلك، رسّخ المغرب حضوره كصوت إفريقي فاعل
في المحافل الدولية، يجمع بين الرؤية الإصلاحية والمسؤولية المؤسساتية، ويقدم
نموذجًا رقابيًا حديثًا يوازن بين الاستقلالية والالتزام بمبادئ الشفافية العالمية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك