أنتلجنسيا المغرب: أبو ملاك
على امتداد سنوات طويلة ظلت الحكومات
المغربية المتعاقبة على الكراسي ترفع شعار محاربة السكن العشوائي، غير أن الواقع
يكشف أن الأحياء الصفيحية ما تزال حاضرة بقوة في المشهد الحضري، تتوسع أحياناً
وتتخذ أشكالاً جديدة، في تناقض صارخ مع الخطابات الرسمية التي لم تنجح في تحويل الوعود
إلى تغيير ملموس على الأرض.
في المقابل تحولت هذه الأحياء الهشة
إلى خزانات انتخابية جاهزة للضرورة، يقصدها السياسيون عند كل استحقاق انتخابي، حيث
يتم استثمار المعاناة الإنسانية لسكانها عبر خطاب عاطفي مؤقت، بينما يظل السكان
أسرى ظروف قاسية داخل مساكن قصديرية تزيد من لهيب الصيف وتضاعف قسوة البرد خلال
الشتاء.
الساكنة في هذه المناطق تعيش تحت وطأة
التهميش وغياب أبسط شروط العيش الكريم وعلى رأسها الماء والكهرباء ومجاري الصرف
الصحي، وسط بنايات من الصفائح والورق والبلاستيك، في مشهد يعكس هشاشة السياسات
العمومية التي فشلت في توفير بدائل سكنية تحفظ الكرامة الإنسانية وتؤسس لإدماج
اجتماعي حقيقي.
ومع توجه المغرب لاحتضان تظاهرات
قارية ودولية كبرى، تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة ترتيب الأولويات، وجعل المواطن
في صلب أي مشروع تنموي، عبر تخصيص ميزانيات حقيقية وبرامج واقعية تستهدف إنهاء
السكن الصفيحي بدل الاكتفاء بتجميل الصورة في مناسبات ظرفية، إن انتشال سكان
الأحياء الصفيحية من هذه الحياة القاسية يتطلب إرادة سياسية وإدارية صادقة، قوامها
القطع مع منطق الاستغلال الانتخابي، واعتماد مقاربة تنموية شاملة تضع الكرامة
الإنسانية فوق كل اعتبار، باعتبارها الأساس لأي نموذج تنموي ناجح.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك