فيضانات آسفي تكشف المستور وتضع عامل الإقليم تحت المجهر

فيضانات آسفي تكشف المستور وتضع عامل الإقليم تحت المجهر
تقارير / الإثنين 15 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا

الرحمة والمغفرة لكل من وافته المنية بمدينة آسفي، فإلى حدود الساعة تشير الأرقام الرسمية إلى وفاة سبعة وثلاثين ضحية بسبب الفيضانات، فاجعة إنسانية ثقيلة لا يمكن اختزالها في أرقام باردة، بل هي جرس إنذار مدو يعلن عن امتحان جديد سقطت فيه البنيات التحتية والسياسات العمومية سقوطا مدويا أمام قوة الواقع وقسوة الإهمال.

ما جرى في آسفي ليس قدرا أعمى ولا مجرد كارثة طبيعية، بل نتيجة مباشرة لخصاص بنيوي مزمن وضعف فاضح في التدخل الآني والمستعجل، حيث عرت الأمطار عن هشاشة تدبيرية ومسؤولين غابوا في لحظة كان يفترض فيها الحضور والجاهزية والصرامة في حماية الأرواح قبل الممتلكات.

هذه الفيضانات كشفت فشلا حقيقيا لسياسات عمومية وطنية وترابية طالما سوقت الأوهام تحت مسميات التنمية والاستثمار، بينما الواقع يؤكد أن كثيرا مما روج له لم يكن سوى مساحيق تجميل تخفي فقرا ينخر المجتمع وتنمية مزيفة تخدم مصالح ضيقة لمسؤولين فاشلين على حساب مصلحة الأمة والوطن.

أمطار آسفي مسحت كل الادعاءات الفارغة وأسقطت خطاب التبرير، فبانت الحقيقة عارية بلا رتوش، غش وفساد في إنجاز المشاريع، بالوعات مخنوقة، طرقات مهلوكة، وبنية تحتية منهارة بالكامل، في مقابل أموال عمومية تهدر ليل نهار دون حسيب أو رقيب، في مشهد يختصر معنى العبث المؤسساتي.

في خضم هذه المأساة، خرج عامل الإقليم ليعزي المواطنين ويعلن تكفله بمراسيم العزاء وعلاج المصابين، وهي تصريحات أثارت أكثر من علامة استفهام، لأن لحظة الفاجعة ليست مجالا للارتجال الخطابي ولا لتوسيع الصلاحيات خارج منطق الدولة والمؤسسات.

الحقيقة التي يجب أن تقال بوضوح هي أن احترام التخصصات أساس الدول الديمقراطية المتقدمة، علاج المواطنين مسؤولية الأطباء والممرضين والمختصين تحت إشراف وزارة الصحة، ومراسيم العزاء في مثل هذه الكوارث الوطنية غالبا ما تكون تحت إشراف ملك البلاد، لا موضوعا للاجتهاد الفردي أو التسويق السياسي.

أما الدور الحقيقي الذي كان يفترض القيام به قبل وقوع الكارثة فهو السهر الصارم على سلامة الشوارع، والتأكد من جودة المشاريع المنجزة، ومراقبة البالوعات وشبكات الصرف، واستباق الأخطار حماية لأرواح المواطنين، لا انتظار سقوط سبعة وثلاثين ضحية إلى حدود الساعة، مع الخشية مما قد تحمله الساعات القادمة لا قدر الله.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك