الدولة تُدير ظهرها للجبال وتُشرعن التهميش في قانون مالية 2026

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

كشف الائتلاف المدني من أجل الجبل، في موقف لافت تزامن مع اليوم الدولي للجبال، عن استمرار التهميش البنيوي الذي تعانيه المناطق الجبلية بالمغرب، محمّلاً مشروع قانون مالية 2026 مسؤولية تكريس هذا الوضع، بعدما اعتبره غير قادر على الاستجابة لحجم الخصاص لا من حيث الاعتمادات المالية ولا من حيث آليات التنفيذ على أرض الواقع.

وأبرز الائتلاف أن الشعارات المرفوعة حول العدالة المجالية تصطدم مرة أخرى بواقع ميزانياتي هش، لا يعكس أولوية إنصاف الجبل، ولا يترجم الحاجة الملحّة لفك العزلة الطرقية والرقمية عن ساكنته، أو دعم الفلاحة الجبلية، أو معالجة آثار الزلزال، أو تأهيل البنيات الصحية وتوسيع التغطية الصحية والحماية الاجتماعية.

وشددت ذات الجهة، على أن إنصاف المناطق الجبلية لم يعد مطلباً ظرفياً، بل ضرورة وطنية ذات بعد استراتيجي.

واعتبر الائتلاف أن قانون مالية 2026 يشكل امتحاناً حقيقياً لمبدأ العدالة المجالية، مسجلاً فشل الصيغة المعتمدة في إرساء تمييز إيجابي فعلي لصالح مناطق الخصاص التراكمي، وداعياً إلى اعتماد الترجيح الترابي كآلية إلزامية داخل القانون المالي، تضمن توجيه المشاريع والاستثمارات نحو الجبال والمناطق النائية حتى وإن ارتفعت كلفة المشروع لكل مستفيد.

كما نبه إلى غياب الشفافية في توزيع الموارد، مطالباً بالكشف عن المعطيات الدقيقة المتعلقة بالاعتمادات الميزانياتية الموجهة للمناطق الجبلية، وتوضيح معايير التوزيع الجهوي والإقليمي، بما يضمن نجاعة الإنفاق العمومي وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وفي جانب آخر، شدد الائتلاف على ضرورة إقرار عدالة في العائدات، عبر تمكين ساكنة الجبال من نصيب منصف من الموارد التي تحتضنها مجالاتهم، من ماء وغابات ومناجم وخدمات إيكولوجية، قصد تمويل مشاريع تنموية محلية تحد من الهجرة القسرية والفقر.

ودعا النداء إلى تبني مقاربة تنموية مندمجة تقوم على مشاريع هيكلية متعددة السنوات خلال الفترة 2026-2028، تشمل تعبيد الطرق الثانوية، وربط الدواوير بشبكات الاتصال، وتجهيز المراكز الصحية بوحدات طبية متنقلة وتحفيز الأطر الصحية على العمل في المناطق النائية، إلى جانب دعم الاقتصاد الأخضر والفلاحة الجبلية والسياحة الإيكولوجية والثقافية، وتوسيع التغطية الصحية والحماية الاجتماعية بشكل فعلي.

وفي ختام موقفه، جدد ائتلاف الجبل مطالبته بإطار قانوني واضح وسياسة عمومية جريئة ذات أثر ملموس، مع التعجيل بإحداث هيئة وطنية قوية لتنمية المجالات الجبلية تحت إشراف رئاسة الحكومة، محذراً من أن استمرار تجاهل الجبل ليس فقط ظلماً اجتماعياً، بل مخاطرة تنموية تهدد التوازن الترابي للبلاد.