
أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
ما يحدث هذه السنة بحق الجالية
المغربية في الخارج لم يعد مجرد تذمر عابر، بل صار أقرب إلى كارثة وطنية عنوانها
العريض الإهمال المتعمد والتجاهل الرسمي من قبل "رئيس مجلس الجالية المغربية
المقيمة بالخارج"، ويتصدر "إدريس اليزمي" الواجهة بوصفه رمزًا لهذا
الصمت الثقيل، إذ فضل الرجل الجلوس في مكتبه الوثير، مكتفيًا بتكرار ظهوره في فضاء
محدود لا يتغير يوميا في العاصمة الرباط، مغلقًا بابه في وجه قضايا المغاربة
المقيمين بالخارج، بينما الشكايات تتراكم، والتظلمات لا تلقى سوى الجدران الصماء
في مجلس الجالية...
في شهادات متفرقة، تفجرت مشاعر الغضب
العارم من مغاربة المهجر بعد أن باءت مراسلاتهم إلى "اليزمي" عبر وسائل
التواصل المتاحة بالفشل، حيث لا تفاعل ولا تجاوب، وكأنهم لا يُمثلون شيئًا في
قاموس المؤسسات الرسمية، بل تُمارس ضدهم سياسة إقصاء صريحة، مما زاد من تأجيج
الغضب الشعبي بين صفوفهم، وأفرز دعوات واسعة إلى محاسبة المجلس ومن يقوده على هذا
الجفاء الذي لا يليق بمغاربة العالم.
الأدهى من ذلك، أن نقاط العبور تحولت
إلى بؤر إذلال ممنهج، حيث المعاملة المهينة في بعض الموانئ والمطارات تثير الفزع
والحنق، خاصة من طرف بعض عناصر الجمارك الذين يمارسون أساليب التماطل والاستفزاز،
مستغلين الأطفال والعائلات تحت أشعة الشمس الحارقة في لحظات ضعفهم، لإجبارهم على
تقديم "إثاوات" مقنعة، في صورة تسيء إلى سمعة الوطن، وهذا لم يعد بالأمر
الذي يجب الإستمرار في السكوت عليه، رغم أن هناك موظفين نزهاء يُشهد لهم بالمهنية
والجدية والشفافية المطلوبتين، لكنهم قلة ضائعة وسط سلوك منحرف يتكرر بصمت ويزيد
من جرح معاناة الجالية.
ووسط هذه الأجواء المشحونة، باتت
الجالية ترى أن الأبواب كلها أُغلقت في وجوههم، ولم يتبقَ لهم سوى رفع شكواهم مباشرة
إلى جلالة الملك "محمد السادس"، باعتباره الضامن لكرامة المواطن داخل
الوطن وخارجه، خاصة في ظل حالة التجاهل المتواصل التي ينتهجها "مجلس الجالية
المغربية المقيمة بالخارج" وغياب أي مبادرة رسمية لتصحيح هذا الوضع المهين، أو
حتى التواصل والتدخل، مما دفع بالعديد منهم إلى اتخاذ قرار صعب بتحويل وجهاتهم
السياحية نحو بلدان أخرى (مكرهين غير باغين) ..أكثر احترامًا لهم.
وتكمن الخطورة هنا في أن هذا الإهمال
لم يضر فقط بالجالية كأفراد، بل أضر بخزينة الدولة بشكل مباشر، حيث أدت المعاملة
السيئة وفقدان الثقة إلى انخفاض حجم العملة الصعبة المحولة من الخارج، في ظرفية
اقتصادية حرجة كانت تعول فيها الدولة على دعم مغاربة العالم، خصوصًا الجالية
بإيطاليا التي ظلت في السنوات الأخيرة على رأس لائحة المحوّلين للمال إلى المغرب.
إن الصمت الذي يحيط باليَزمي وفريقه
لم يعد مقبولًا، لأنه يتجاوز حدود التقصير الإداري إلى جريمة في حق ملايين
المغاربة الذين أثبتوا في أحلك الأوقات انتماءهم الصادق لهذا الوطن.
فهل تُترك الجالية المغربية تواجه
مصيرها بهذا الإذلال؟
وينتظر تدخل صوت جلالة الملك "محمد
السادس" كما تدخل في ملفات أخرى، ليعيد الاعتبار لهذه الفئة الوفية، التي لم
تبخل يومًا على وطنها، حتى تعود المياه إلى مجاريها .
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك