أنتلجنسيا المغرب:حمان ميقاتي/م.كندا
في قلب مدينة دوسلدورف الألمانية، حيث تلتقي العقول وتُفكك الجغرافيا
السياسية بأدوات الفهم الاستراتيجي، التأمت نخبة من المثقفين والسياسيين
الأوروبيين والمغاربة لتسليط الضوء على التحول الجذري الذي تعرفه الأقاليم
الجنوبية للمملكة، بفضل الرؤية البعيدة المدى للملك محمد السادس، والتي حولت رمال
الصحراء إلى منصات انطلاق لمشاريع تنموية عملاقة ومجالات استثمار واعدة تستهوي
كبار الفاعلين الدوليين.
الندوة التي نظمها المجلس الفيدرالي الديمقراطي المغربي الألماني لم تكن مجرد مناسبة دبلوماسية عابرة، بل جاءت كتجسيد لاعتراف أوروبي متزايد بسيادة المغرب على صحرائه، وتثمين لقيادة ملكية تُبدع في الجمع بين التنمية والسلم والانفتاح على إفريقيا والعالم.
المتدخلون أجمعوا على أن نموذج الحكم المغربي في
الصحراء يُشكل حالة فريدة من التوازن بين حماية السيادة وتحقيق الرخاء الاقتصادي
والاجتماعي.
ومن أبرز المحطات التي أثارت إعجاب الحضور، تسليط الضوء على المبادرة
الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك، باعتبارها خارطة طريق جيوسياسية جديدة تنقل
إفريقيا من الهامش إلى مركز القرار، وتُقدم الصحراء المغربية كنقطة ارتكاز لهذه
الدينامية.
إنها
رؤية تتجاوز المفهوم الكلاسيكي للتنمية، نحو أفق شمولي يجعل من الجنوب المغربي
جسرًا للاندماج الإفريقي بدل أن يبقى ملفًا للصراع السياسي.
الندوة حملت أيضًا إشادة قوية بدور الجالية المغربية بألمانيا، التي
تحولت من طاقات مهاجرة إلى شركاء في هندسة السياسات التنموية، ورافعة حقيقية
للتقارب بين الرباط وبرلين، سواء على مستوى المشاريع الاقتصادية، أو عبر قنوات
التأثير الثقافي والأكاديمي.
الحضور
الأوروبي لم يخفِ اهتمامه بفرص الاستثمار في الجنوب المغربي، خاصة مع اقتراب موعد
كأس العالم 2030، الذي يُنتظر أن يكون منصة كبرى لتسويق نموذج التنمية الصحراوي
أمام العالم.
وفي لحظة رمزية شدت الأنفاس، تم تقديم كتاب الباحث السويسري الفرنسي
جان ماري هيدت، الذي رصد في مؤلفه "الصحراء المغربية: أرض النور
والمستقبل" كيف تحولت الصحراء من أرض نزاع إلى أرض أمل، وكيف صاغ المغرب
نموذجًا إنسانيًا وتنمويًا يستحق أن يُدرّس في كبرى الجامعات، لا باعتباره قضية
ترابية فحسب، بل تجربة رائدة في تحويل الجغرافيا إلى مصير مشترك.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك