أنتلجسنيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
سادت حالة من الغضب الشديد في صفوف
الجالية المغربية المقيمة بإيطاليا، عقب ما وصفوه بفضيحة "مرحبا
ومطردة"، في إشارة إلى الارتفاع الجنوني في أسعار تذاكر الطيران والعبّارات
نحو المغرب خلال موسم الصيف 2025 الذي طال ما هللنا له صباح مساء.
واعتبر كثيرون أن ما يجري لا علاقة له
بالاستقبال، بل هو عملية ابتزاز ممنهجة تمارس على مشاعر الحنين والارتباط بالوطن
الأم.
الفيديوهات الغاضبة التي انتشرت
كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم تكن مجرّد ردود أفعال عابرة، بل
حملت دعوات صريحة إلى مقاطعة السفر المباشر إلى المغرب عبر الخطوط الملكية الجوية
وبواخر الملاحة الوطنية، مفضلين التوجه عبر دول مجاورة كإسبانيا والبرتغال، حيث
الأسعار معقولة وجودة الخدمة أفضل بكثير وقضاء عطلة صيفية بأثمنة رمزية.
واعتبر نشطاء الجالية أن ما يحصل يمثل
إهانة في حق مئات الآلاف من المغاربة المقيمين بالخارج، الذين تحولوا في نظر شركات
النقل إلى "فرائس موسمية" يُستغل شوقهم وحنينهم كل صيف، وتُثقل كاهلهم
التكاليف من دون أي رحمة أو مراعاة لأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.
الخطوط الملكية المغربية، التي يُفترض
أنها شركة وطنية، أصبحت ـ حسب تعبير البعض ـ شركة احتكار رسمي تفرّغ مبادرة
"مرحبا" من كل معانيها، في غياب أي رقابة حقيقية من الحكومة أو وعي
بالمسؤولية من طرف المؤسسة.
والغريب أن هذا يحدث في زمن يُقال فيه
إن المغرب يولي عناية خاصة بمغاربة العالم.
وطالب عدد من الفاعلين الجمعويين
الحكومة المغربية بالتدخل الفوري والعاجل، لوضع حد لهذه الفوضى في التسعير،
والدخول في حوار جدي مع شركات الطيران والملاحة لضمان أسعار في المتناول، وخلق
آليات دعم حقيقية لأبناء الوطن المقيمين بالخارج الذين ضاقوا ذرعًا بالاستخفاف بهم
كل صيف.
المقارنة صارت موجعة، فبينما تتسابق
دول أوروبية عديدة لتسهيل دخول جالياتها وتشجيعهم على العودة لوطنهم الأصلي، نكتشف
أن ما يُفترض أن يكون مناسبة للّقاء ولم الشمل، صار مصدر توتر وقلق وخيبة أمل عند
الكثير من الأسر المغربية المهاجرة، التي تجد نفسها مضطرة لتقليص مدة العطلة أو
إلغائها بسبب الغلاء الفاحش.
صرخة الجالية هذا الصيف ليست مجرد
ضجيج عابر، بل رسالة احتجاجية صارخة ضد سياسات الإقصاء والتهميش والاحتكار، وضد
مؤسسات نسيت أن وراء جوازات السفر الأجنبية قلوبًا تنبض حبًا للوطن... لكنها بدأت
تنزف وجعًا من الجشع المتغوّل.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك