أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
تتوالى الإشارات الدبلوماسية والسياسية التي توحي بأن بولندا، أحد الفاعلين الرئيسيين في الاتحاد الأوروبي وعضو بارز في حلف شمال الأطلسي، تسير بخطى ثابتة نحو إعلان دعم رسمي لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لحل النزاع المفتعل حول الصحراء.
هذه المبادرة التي قدمتها الرباط سنة 2007، تحظى بدعم دولي متنامٍ من قوى إقليمية ودولية كبرى، من بينها الولايات المتحدة، إسبانيا، ألمانيا، وهولندا.
تطورات لافتة في العلاقات الثنائية
شهدت العلاقات المغربية البولندية في الآونة الأخيرة دينامية غير مسبوقة، تجلت في تبادل الزيارات الرسمية، وتوسيع دائرة التعاون في مجالات متعددة، أبرزها الأمن، الدفاع، الطاقة والتكنولوجيا. ووفق مراقبين، فإن هذه التحركات ليست معزولة، بل تعكس تحولًا استراتيجيًا في موقف وارسو تجاه الرباط، قد يُتوّج قريبًا بدعم صريح لمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وجاد للنزاع في الصحراء.
تحوّل في الخطاب السياسي البولندي
في الآونة الأخيرة، صدرت عن مسؤولين بولنديين تصريحات مشجعة تعترف بـ"الدور البناء" للمغرب في منطقة الساحل والصحراء، وتثمن جهوده في دعم الاستقرار ومحاربة الإرهاب والهجرة غير النظامية. كما أعرب نواب في البرلمان البولندي عن اهتمامهم المتزايد بمقترح الحكم الذاتي المغربي، واصفين إياه بـ"الخيار الأنسب" لتحقيق حل دائم ومتوازن في المنطقة.
حسابات جيوسياسية جديدة
في سياق التوتر الأوروبي المتزايد مع روسيا، وتغير الأولويات الأمنية داخل الاتحاد الأوروبي، بدأت دول شرق أوروبا، ومنها بولندا، إعادة تموقعها الجيوسياسي في اتجاه شركاء موثوقين في الجنوب، خاصة المغرب، الذي يُنظر إليه باعتباره قاطرة استقرار وأمن إقليمي، وبلداً منفتحاً على أوروبا وأفريقيا في آنٍ واحد. كما أن الرباط أصبحت، بفضل دبلوماسيتها الاقتصادية والطاقية، عنصر جذب للاستثمارات الأوروبية، وهو ما تسعى بولندا إلى الاستفادة منه.
دعم متنامٍ داخل أوروبا لمبادرة المغرب
في حال إعلان وارسو دعمها الرسمي لمقترح الحكم الذاتي المغربي، فإنها ستنضم إلى مجموعة متزايدة من الدول الأوروبية التي غيرت موقفها التقليدي من النزاع، وراحت تدعم رؤية الرباط القائمة على منح الأقاليم الجنوبية حكماً ذاتياً موسعاً تحت السيادة المغربية، كحل سلمي ونهائي تحت رعاية الأمم المتحدة.
الجزائر تراقب بقلق
لا يمر هذا التحول المحتمل في الموقف البولندي دون إثارة قلق الجزائر، الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو. فكل دعم جديد لمبادرة الحكم الذاتي يُعد نقطة إضافية في رصيد المغرب على الساحة الدبلوماسية، ويقلص من حجم التأييد الإقليمي والدولي لطرح الانفصال، الذي تراجع بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الأخيرة.
البولنديون في الصحراء؟
من المؤشرات البارزة كذلك، تحدثت مصادر إعلامية عن احتمال تنظيم زيارة رسمية قريبة لوفد بولندي إلى الأقاليم الجنوبية المغربية، في خطوة رمزية قوية قد تكون تمهيدًا للإعلان الرسمي عن تغيير الموقف، تمامًا كما فعلت إسبانيا حين زار وزير خارجيتها مدينة العيون قبل إعلان مدريد دعمها للحكم الذاتي في مارس 2022.
لحظة فارقة تقترب؟
إذا تأكد دعم بولندا لمبادرة المغرب بشأن الصحراء، فسيكون ذلك منعطفًا نوعيًا في مسار التعاطي الأوروبي مع هذا النزاع المزمن. كما سيشكل خطوة أخرى في اتجاه توسيع دائرة الاعتراف الدولي بمقترح الحكم الذاتي كحل عملي ومتوافق عليه، بما يعزز تموقع المغرب كفاعل محوري في قضايا الأمن، الطاقة، والهجرة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك