أنتلجنسيا المغرب:الهدهد المغربي
أثار نبأ مقتل عدد من الضباط الجزائريين في العاصمة الإيرانية طهران، حسب مصادر إعلامية متطابقة، جدلاً واسعاً في الأوساط الدبلوماسية والإعلامية، وفتح الباب أمام تساؤلات حول طبيعة التعاون العسكري والاستخباراتي السري بين الجزائر وإيران، ومدى تشعبه وتأثيره على التوازنات الإقليمية، خاصة في منطقة شمال إفريقيا والساحل.
حادثة غامضة في قلب طهران
ذكرت تقارير صحافية صادرة عن منصات مقربة من المعارضة الإيرانية، وأخرى عبرية، أن ثلاثة ضباط جزائريين لقوا حتفهم في حادث انفجار داخل منشأة عسكرية أو أمنية في طهران، دون أن يتم الكشف عن طبيعة المهمة التي كانوا يقومون بها، أو الأسباب الحقيقية وراء وجودهم في منشأة تعتبر محصّنة أمنياً ولا يدخلها إلا أصحاب المهمات الخاصة.
وتضاربت الروايات بين من قال إن الحادث نجم عن انفجار عرضي خلال تجربة تقنية، ومن ربطه بتصفية استخباراتية أو تسريب أمني، وسط صمت رسمي مطبق من الجزائر وإيران، ما زاد من غموض الواقعة.
علاقات تحت الطاولة:الجزائر وإيران في مسار غير معلن
في ظاهر الأمور، لا تبدو العلاقات الجزائرية الإيرانية استثنائية أو ذات طابع استراتيجي. إلا أن تقارير استخباراتية غربية كشفت في السنوات الأخيرة عن وجود علاقات عسكرية وتقنية ممتدة بين طهران والجزائر، خصوصاً في مجالات المراقبة، الحرب الإلكترونية، وتطوير الطائرات المسيرة.
وبحسب تقارير نشرها "مركز أبحاث الشرق الأوسط" في لندن، فإن زيارات غير معلنة لمسؤولين عسكريين جزائريين إلى طهران تكررت منذ 2020، وركزت على تبادل الخبرات في مجال الصناعات العسكرية، وتقنيات الدفاع الجوي، والتدريب الاستخباراتي.
الطائرات المسيّرة..حلقة وصل سرّية
من أبرز محاور التعاون المزعوم بين الجزائر وإيران، تلك المتعلقة بالطائرات المسيّرة. وتشير تقارير إلى أن الجزائر تسعى منذ سنوات إلى تحديث قدراتها الجوية عبر الحصول على تكنولوجيا مسيّرات قتالية من طهران، على غرار ما قدمته إيران لروسيا في أوكرانيا أو لميليشيات في الشرق الأوسط.
وقد نقلت وكالة "Intelligence Online" الفرنسية المتخصصة، أن الجزائر تسعى إلى تصنيع طائرات مسيّرة هجومية بالتعاون مع خبراء إيرانيين، وتزويد قواتها بقدرات هجومية عالية في المناطق الحدودية مع مالي والنيجر، حيث تنشط جماعات مسلحة ويزداد النفوذ الفرنسي والأمريكي.
قلق إقليمي وتحذيرات دولية
الحادثة التي أودت بحياة الضباط الجزائريين، إن تأكدت، ليست فقط حدثاً عرضياً، بل تشير إلى تشابك معقد في المصالح بين دول تسعى لبناء تحالفات عسكرية موازية خارج الإطار التقليدي الغربي.
وقد أعربت مصادر دبلوماسية غربية عن قلقها من أي تعاون سري بين إيران ودول في شمال إفريقيا، محذّرة من أن طهران قد تستغل هذا التعاون لتوسيع نفوذها الاستخباراتي في المنطقة، وتوظيفه في صراعات غير مباشرة.
وفي السياق ذاته، عبّر مراقبون مغاربة عن مخاوف من أن يكون هذا التعاون جزءاً من تحالف موجه ضد مصالح الرباط، خاصة في ظل دعم طهران المعلن لجبهة البوليساريو، ووجود مؤشرات على تدريب عناصر منها على أيدي "الحرس الثوري" الإيراني، وفق تصريحات رسمية مغربية سابقة.
ردود الفعل الغائبة:صمت رسمي مدوٍ
رغم خطورة الحادثة، لم تصدر الجزائر أو إيران أي بيان رسمي يؤكد أو ينفي مقتل الضباط.
هذا الصمت يراه البعض دليلاً على حساسية الموضوع، ومحاولة لاحتواء أي تداعيات دبلوماسية أو أمنية قد تنتج عن تسريب تفاصيل المهمة، أو العلاقات الثنائية في هذا الإطار.
كما تشير مصادر متخصصة إلى أن مثل هذا التعاون السري غالباً ما يجري بعيداً عن أعين المؤسسات الرسمية والدبلوماسية التقليدية، وتحت إشراف مباشر من الأجهزة السيادية، ما يجعل تأكيده أو نفيه أمراً صعباً.
حادثة قد تعيد رسم خريطة التحالفات
في النهاية، يكشف حادث مقتل الضباط الجزائريين في طهران – في حال تأكده – عن واقع جديد في العلاقات الإقليمية، تتحرك فيه دول خارج المألوف، باحثة عن حلفاء وشركاء جدد في ظل عالم متغير وتحالفات مضطربة.
فهل نحن أمام بداية شراكة استراتيجية سرية بين الجزائر وإيران؟ أم مجرد حادث عابر في ملف ما زال قيد الكتمان؟
ما هو مؤكد أن الأيام المقبلة قد تحمل تطورات تعيد ترتيب أوراق الأمن والسياسة في المنطقة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك