حكومة طوطو… حكومة الباطرونا التي أهانت الوطن

حكومة طوطو… حكومة الباطرونا التي أهانت الوطن
أقلام حرة / الجمعة 10 أكتوبر 2025 - 11:52 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد الشباب المجيد

بقلم: مصطفى شكري

لم يعد في السياسة المغربية ما يُدهش، إلا هذا الكم من الاستهتار الذي تمارسه ما يسمّيه الناس اليوم “حكومة طوطو” — حكومة الأثرياء الجدد، ورجال الباطرونا الذين اختزلوا الوطن في ميزانية ومشاريع وصفقات، حتى صار القرار السياسي يُقاس بقيمة الأسهم لا بقيمة المواطن.

هذه ليست حكومة الشعب، بل حكومة الشركات والمصالح الخاصة، حكومة “طوطو” بمعناه الرمزي: الضجيج بلا مضمون، والحركة بلا اتجاه، والكلام بلا مسؤولية.

كل شيء عندهم يُدار كأن البلاد مقاولة عمومية فاشلة تُدار من صالونات رجال الأعمال الذين لا يعرفون شيئًا عن الفقر أو الهامش أو الكرامة.

من حكومة المؤسسات إلى حكومة المهرجانات

كانت الدولة المغربية يومًا تُبنى على رجال فكر ودولة، واليوم تُدار بشعار “الصورة تسبق الفعل”.

بينما تغرق المستشفيات في العجز، والمدارس في الفوضى، والبطالة في أرقام مخيفة، تُخصص الحكومة الملايين لدعم المهرجانات وتوقيع عقود النجوم باسم “الثقافة الجديدة”.

لقد صار الترفيه هو السياسة، والمهرجان هو البرنامج، والابتسامة أمام الكاميرا أهم من أي إنجاز.

تحت هذا الغطاء، تم تفريغ الدولة من معناها.

فحين تُصبح وزارة الاقتصاد مكتبًا لخدمة الشركات الكبرى، ووزارة التشغيل مجرد صدى لغرف الباطرونا، ووزارة الثقافة تابعة لوكلاء الدعاية، فاعلم أن الوطن يسير في اتجاه خصخصة المستقبل نفسه.

الباطرونا تحكم

 

إن ما نراه اليوم ليس مجرد فشل حكومي، بل احتلال اقتصادي للسلطة السياسية.

الوزراء أنفسهم رجال أعمال، يرتدون بدل السياسة ليحكموا لا ليخدموا.

إنها حكومة لا تعرف المعارضة لأنها تمثل الطرفين معًا: تحكم وتستفيد، تشرّع وتربح، وتوزع الامتيازات كما تُوزّع الجوائز في حفلات الجوائز الموسيقية.

أين صوت الدولة؟ أين روح الوطنية؟

لقد ابتلعت الباطرونا مؤسسات القرار، وصار البرلمان مسرحًا للتصفيق، والإعلام الرسمي مكبّلاً بخطابات “الإنجازات الرقمية” التي لا وجود لها إلا في تقاريرهم المصقولة.

الملك بين الصبر والمساءلة

لقد تحمّل الملك طيلة هذه السنوات أوزار حكومة عاجزة عن الإصغاء، وصامتة عن الفساد الصاعد.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: إلى متى سيستمر هذا الصبر؟

إن الملكية في المغرب لطالما كانت صمام الأمان، لكن استمرار حكومة الباطرونا بهذا الشكل يجعل هذا الصمام في مواجهة ضغطٍ شعبي متزايد.

الناس لم يعودوا يصدقون الوعود، لأنهم لا يرون سوى الغلاء، والبطالة، وانحدار القيم.

إن الملك أمام مسؤولية تاريخية:

إما أن يتدخل لتصحيح هذا الانحراف، ويعيد القرار إلى أصله الشعبي والمؤسساتي،

أو أن يترك الشارع يُعلن غضبه بطرقه، لأن الشعب لم يعد يحتمل أن يُدار وطنه كأنه شركة استثمارية فاشلة.

حكومة بلا مشروع

ما الذي قدّمته حكومة طوطو غير الكلام؟

لا إصلاح حقيقي في الصحة، لا رؤية للتعليم، لا مشروع للتشغيل، ولا خطة لإعادة الثقة.

كل ما هناك هو لغة تبريرية: الحرب في أوكرانيا، تقلبات السوق، والتضخم العالمي…

لكن الحقيقة أن الأزمة هنا، في الداخل، في نظام حكمٍ اقتصادي متغوّل جعل من الدولة خادمة للباطرونا بدل أن تكون خادمة للشعب.

إن حكومة طوطو هي رمز الانفصال بين الدولة والمجتمع، بين السلطة والأرض، بين المال والسياسة.

وحين يُختزل الوطن في دفتر حسابات، فذلك إيذان بسقوط المعنى نفسه للوطنية.

نداء إلى الملك والشعب

لقد آن الأوان لكلمة حاسمة.

المغرب بحاجة إلى حكومة وطنية جديدة، حكومة من رحم الشعب لا من جيوب رجال المال.

على الملك أن يُعيد التوازن بين السلطة والعدالة الاجتماعية، وعلى الشعب أن يرفع صوته بلا خوف:

لا لحكومة الباطرونا، لا لحكم المقاولات، لا لتسليع الوطن.

الوطن لا يُدار بالمهرجانات، ولا يُبنى بالضجيج، ولا يُحكم بالمصالح.

الوطن يُبنى بالعدل، ويُصان بالكرامة، ويُحكم باسم الشعب لا باسم المال.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك