
بقلم : نادية عسوي
لم تكن الجريمة البشعة التي راح ضحيتها الطفل بشير حسب ما تناولته عدة مواقع وجرائد الكترونية سوى نتيجة حتمية لفوضى تتكرر كل سنة في موسم مولاي عبد الله. اغتصاب جماعي وحشي لطفل قاصر وقع وسط خيام وقياطين نُصبت عشوائيًا بلا تنظيم، ليكشف مرة أخرى أن غياب البنية التحتية السياحية يفتح الباب أمام أبشع الجرائم.
لقد نبهتُ قبل انطلاق الموسم إلى خطورة هذه العشوائية، وإلى أن غياب نظام فندقي أو قرية سياحية مجهزة يجعل من المستحيل معرفة من بات وأين بات، وكم عدد النزلاء في كل ليلة. في أي نظام سياحي منظم، تُسجَّل الهويات، وتُراقَب المبيتات، وتتوفر قاعدة بيانات دقيقة تسهل التتبع والمراقبة.
وللتوضيح، فإن عدد السياح الذين يزورون مدن الشمال — مثل طنجة وتطوان وأصيلة — يفوق بكثير عدد زوار موسم مولاي عبد الله، ومع ذلك لا نسمع عن خيام عشوائية أو "قياطين" بلا ضوابط. هناك فنادق، شقق للإيجار، وفضاءات مضبوطة بقوانين واضحة، مما يجعل الزوار يقضون عطلهم في أجواء منظمة وآمنة. أما في الموسم، فإن غياب البدائل المنظمة يترك عشرات الآلاف يتكدسون في فضاءات فوضوية، حيث يذوب الجناة وسط الحشود، ويصعب تحديد المسؤوليات.
اليوم، وبعد وقوع هذه الجريمة المروعة، باشر الدرك الملكي تحقيقاته، لكن كيف يمكنه الوصول إلى الجناة في فضاء بلا أثر ولا سجل، حيث لا أحد يعرف هوية القاطنين في الخيام ولا عددهم؟ غياب نظام معلوماتي حول ساكنة الموسم هو الثغرة الكبرى التي تركت الطفل الضحية وحيدًا أمام بشاعة المعتدين.
إن المسؤولية جماعية: جماعة محلية لم تُخطط، سلطات إدارية لم تفرض قواعد واضحة، ووزارة لم تُدرك أن حماية الطفولة لا تكون بالشعارات، بل بتأطير وضبط فعلي للمواسم.
موسم مولاي
عبد الله يمكن أن يكون رافعة سياحية وثقافية، لكنه في صورته الحالية مجرد موسم
عار، يعرّي واقع الإهمال، ويدفع ثمنه الأبرياء من أجسادهم وأرواحهم.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك