
أنتلجنسيا المغرب:الهدهد المغربي
تمثل المخابرات العسكرية المغربية، المعروفة اختصارا بـ"المكتب الخامس"، إحدى أكثر الوحدات حساسية داخل المؤسسة العسكرية. فهي الذراع الاستخباراتية الصامتة للقوات المسلحة الملكية، وتضطلع بمهام استراتيجية وحيوية، لا يُكشف عنها إلا نادراً، لكنها تلعب دوراً محورياً في تأمين البلاد، داخلياً وخارجياً، وخاصة في ظل التهديدات المتزايدة في منطقة الساحل والصحراء وشمال إفريقيا.
جهاز عريق بتجربة ميدانية واسعة
تأسست المخابرات العسكرية المغربية في سياق التحولات الأمنية الكبرى التي عرفها المغرب بعد الاستقلال، لتعزيز قدرات الجيش في جمع وتحليل المعلومات ذات الطبيعة العسكرية والأمنية، خصوصاً تلك القادمة من مناطق التوتر على الحدود أو من بؤر النزاع الإقليمي.
وقد راكم الجهاز خبرة عالية من خلال مشاركته الفعلية في عمليات نوعية، خصوصاً في حرب الصحراء، ثم لاحقاً في رصد تحركات الجماعات المسلحة في منطقة الساحل، ودرء الأخطار التي تهدد الأمن القومي المغربي.
أقسام متخصصة تعمل في صمت
تشتغل مخابرات الجيش المغربي وفق هيكلة دقيقة، تتوزع إلى عدة أقسام، من بينها:
قسم الاستعلامات الخارجية: يتابع الوضعيات الأمنية والسياسية في دول الجوار، ويعمل على اختراق شبكات التجسس والتهديدات العابرة للحدود.
قسم التحليل العسكري: يُعنى برصد تحركات الجيوش الإقليمية وتقييم القدرات العسكرية للدول المنافسة أو المهددة.
قسم الأمن السيبراني الدفاعي: يراقب محاولات الاختراق الإلكتروني التي تستهدف أنظمة الجيش ومؤسساته الحساسة.
قسم العمليات الميدانية الخاصة: يشرف على التنسيق الاستخباراتي خلال التدخلات الميدانية أو خلال دعم قوات الجيش في العمليات الحدودية.
طرق اشتغال متقدمة وتكنولوجيا عالية
تستخدم المخابرات العسكرية المغربية تقنيات مراقبة جد متطورة، تشمل الأقمار الصناعية، والطائرات بدون طيار، والتنصت الإلكتروني، وتحليل البيانات الضخمة، بالإضافة إلى اعتمادها على شبكات بشرية منتشرة في الداخل والخارج.
وتشتغل هذه الأجهزة بتنسيق محكم مع القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، ومع مديرية الوثائق والمستندات (DGED)، وجهاز الأمن الوطني، في إطار منظومة أمنية وطنية متكاملة.
التنسيق الدولي والتغلغل الإقليمي
للمخابرات العسكرية المغربية علاقات تعاون متقدمة مع عدد من أجهزة الاستخبارات الأجنبية، خاصة الفرنسية والأمريكية، بالإضافة إلى التنسيق العملياتي مع جيوش الدول الإفريقية الصديقة، وهو ما مكن المغرب من التموقع كحليف استخباراتي استراتيجي في شمال وغرب إفريقيا.
وتشير تقارير دولية إلى أن المغرب أضحى، بفضل قدراته الاستخباراتية، شريكاً رئيسياً في الحرب على الإرهاب والهجرة السرية والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
الأهداف الاستراتيجية: حماية السيادة واستباق التهديدات
تتمحور أهداف المخابرات العسكرية المغربية حول:
تحصين السيادة الوطنية من التهديدات الخارجية.
استباق الأخطار التي تستهدف استقرار البلاد.
تأمين الحدود ومراقبة تحركات الجماعات المسلحة.
دعم العمليات العسكرية والاستخباراتية في الصحراء.
حماية المنشآت الحيوية والبرامج العسكرية الحساسة.
اختراقات واختبارات مستمرة للجاهزية
تعرضت المؤسسة الأمنية المغربية لمحاولات اختراق وتجسس من قبل جهات أجنبية، لكن سرعة رصد هذه التهديدات وتعامل المخابرات معها باحترافية حال دون وقوع خسائر أو تسريبات خطيرة، ما عزز الثقة في قدرات الجهاز.
جهاز يشتغل في الظل لحماية الضوء
رغم التكتم الكبير الذي يحيط بعمل المخابرات العسكرية المغربية، فإن فعاليتها تتجلى في قدرة المملكة على الصمود الأمني، وتجنب الفوضى الإقليمية، وتحقيق نوع من التفوق الاستخباراتي في منطقة شديدة الاضطراب.
ومع استمرار تحديث قدراتها، وتوسيع شبكاتها، يبدو أن "المكتب الخامس" سيظل حجر الزاوية في المعادلة الأمنية المغربية لعقود قادمة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك