سباق التسلح الهادئ بين مصر والمغرب يكشف ملامح تحول عسكري جديد في المنطقة

سباق التسلح الهادئ بين مصر والمغرب يكشف ملامح تحول عسكري جديد في المنطقة
شؤون أمنية وعسكرية / الإثنين 08 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا

شهدت الصناعات العسكرية في مصر والمغرب تحولًا نوعيًا خلال الأعوام الأخيرة، ما يعكس رغبة الدولتين في تعزيز قدراتهما الدفاعية وتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقلالية في تلبية الاحتياجات العسكرية، في مشهد إقليمي تتزايد فيه التحديات الأمنية وتتعاظم فيه أهمية التوازن الاستراتيجي.

وفي القاهرة، تبرز الصناعة العسكرية كنموذج للتوطين التكنولوجي، بعد نجاح المؤسسة العسكرية في نقل تقنيات متقدمة من دول شريكة مثل فرنسا وكوريا الجنوبية، مع اعتماد متزايد على مكونات محلية في مشاريع متعددة، كما ظهر جليًا خلال معرض إيديكس الذي كشف عن نماذج مصنّعة داخل مصر تشمل أنظمة مدفعية وطائرات تدريب.

هذا التوجه منح مصر قدرة أكبر على التحكم في سلسلة الإنتاج الدفاعي، مما فتح أمامها أبواب التصدير نحو دول أفريقية وآسيوية، معززة بذلك استقلالية قرارها العسكري وتقليصًا لتكاليف الاستيراد، وهو ما يعتبر جزءًا من خطة استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى بناء قاعدة صناعية مكتملة.

في المقابل، يعتمد المغرب بشكل أساسي على الاستيراد من الولايات المتحدة وأوروبا لتطوير قدراته الدفاعية، رغم تسارع جهود التوطين منذ السنوات الأخيرة عبر سن قوانين تشجع على إنشاء وحدات إنتاج محلية مثل المصانع المرتبطة بشركة تاتا الهندية، بهدف تقليص هشاشة الاعتماد الخارجي.

ويبقى الاستيراد حجر الأساس في تعزيز قدرات الجيش المغربي، خاصة في ظل التهديدات الإقليمية التي تفرض تحديثًا مستمرًا للمعدات، مما يجعل التحول نحو التصنيع المحلي هدفًا استراتيجيًا طويل الأمد أكثر مما هو واقع حاضر.

وفي هذا السياق، تبرز مركبة سينا المصرية كأحد رموز التقدم في الصناعة المحلية، إذ تم تطويرها بالكامل داخل مصانع المنظمة العربية للتصنيع لتُستخدم في عمليات الإنقاذ والإسناد في بيئات عمليات مختلفة، بفضل سرعتها وقدرتها على الحركة في الطرق الوعرة ودروعها التي توفر حماية فعالة للطاقم.

وتعكس الخصائص التقنية للمركبة فلسفة مصر في المزج بين التكنولوجيا المحلية والخبرات المنقولة من الخارج، في محاولة لتقليل التكاليف وتسريع وتيرة الإنتاج، بما يسمح لها بتلبية الطلبات الداخلية دون اعتماد مفرط على الموردين الأجانب.

على الجانب الآخر، تعتمد القوات المسلحة الملكية المغربية على المركبة الأمريكية هيركوليس التي تمثل أعلى مستويات التقنية في مجال الإنقاذ المدرع، وهي مركبة ضخمة ذات قدرة استثنائية على سحب الدبابات الثقيلة، ما يجعلها مناسبة للعمليات الكبرى في المناطق الجبلية والصحراوية.

ويبرز الفرق الجوهري بين المركبتين في اختلاف الرؤى الاستراتيجية لكل من القاهرة والرباط، إذ تراهن الأولى على المرونة وسرعة الانتشار والتكلفة المنخفضة، بينما تركز الثانية على القوة القصوى والتقنيات المتقدمة التي تضمن تفوقًا ميدانيًا في أصعب ظروف القتال.

وفي نهاية المشهد، يكشف هذا المسار عن سباق هادئ نحو تعزيز الاكتفاء الدفاعي في المنطقة، حيث تبدو مصر أقرب إلى امتلاك صناعة مستدامة وقابلة للتوسع، فيما يراهن المغرب على تكامل التكنولوجيا الأمريكية لضمان تفوق سريع، وهو تباين قد يتحول مستقبلًا إلى تعاون يعزز الأمن الإقليمي بدل أن يشكل مصدرًا للتوتر أو التنافس غير البناء.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك