أنتلجنسيا:أبو جاسر
كشف تقرير تقييمي حديث أن واقع التعليم الأولي بالمغرب ما زال محكوماً باختلالات عميقة تمس جوهر الحق في تعليم عادل، وتفضح الفجوة الصارخة بين الشعارات الرسمية وظروف التعلم الفعلية التي يعيشها آلاف الأطفال، خاصة في العالم القروي والقطاع غير المهيكل.
أقسام مكتظة وبداية غير متكافئة
يسجل التقرير استمرار الاكتظاظ داخل أقسام التعليم الأولي، حيث يتابع عدد كبير من الأطفال دراستهم في فضاءات تفوق المعايير التربوية المعتمدة، خصوصاً في القطاع العمومي والوسط القروي.
هذا الوضع يحدّ من جودة التأطير ويضرب مبدأ تكافؤ الفرص منذ السنوات الأولى للتعلم، في مقابل استفادة أقلية فقط من شروط تربوية قريبة من المعايير الدولية.
دمج جزئي للأطفال في وضعية إعاقة
ورغم تسجيل تقدم نسبي في إدماج الأطفال ذوي الإعاقة، إلا أن العملية لا تزال محدودة وغير شاملة، إذ تظل نسبة المستفيدين ضعيفة، مع غياب تجهيزات ودعم متخصص قادر على ضمان إدماج فعلي ومنصف، ما يحول الحق في التعليم الدامج إلى إجراء شكلي أكثر منه سياسة عمومية ناجعة.
موارد تعليمية ناقصة وبيئة تعلم هشّة
يعاني التعليم الأولي من خصاص واضح في الوسائل البيداغوجية الأساسية، حيث يطغى الاعتماد على أدوات تقليدية بسيطة، مقابل ضعف كبير في توفير الألعاب التربوية والكتب الملائمة لهذه الفئة العمرية، وهو ما يؤثر سلباً على تنمية المهارات الإدراكية والاجتماعية للأطفال.
نظافة وسلامة خارج المعايير
يرصد التقرير اختلالات مقلقة في شروط النظافة والصحة، سواء من حيث الولوج إلى الماء الصالح للشرب أو توفر مرافق صحية تستجيب للمعايير الأساسية. كما أن ممارسات النظافة اليومية، مثل غسل اليدين، لا تزال ضعيفة، ما يطرح تساؤلات جدية حول حماية صحة الأطفال داخل هذه المؤسسات.
مؤسسات في بيئات محفوفة بالمخاطر
عدد مهم من مؤسسات التعليم الأولي يوجد في محيط غير آمن، تفتقر فيه البنيات إلى الأسوار وساحات اللعب الملائمة، أو يقع بالقرب من طرق وأسواق ومصادر تلوث، خاصة في المناطق القروية، ما يجعل السلامة الجسدية للأطفال مهددة بشكل يومي.
أجور هزيلة وحقوق غير مستقرة للمربين
يفضح التقرير هشاشة الوضع المهني للمربيات والمربين، حيث تتدنى الأجور لدى فئات واسعة، ويُسجل عدم انتظام صرفها خصوصاً في القطاع غير المهيكل.
هذا الواقع ينعكس مباشرة على الاستقرار المهني وجودة الأداء التربوي، رغم التصريحات الإيجابية حول توفر شروط العمل لدى جزء من العاملين.
ضغط مهني ورضا متفاوت
يبرز القطاع العمومي كأكثر القطاعات التي يعاني فيها المربون من عبء مهني مرتفع، مقابل تفاوت كبير في مستويات الرضا الوظيفي بين القطاعات، ما يعكس غياب سياسة موحدة تضمن الكرامة المهنية والاستقرار النفسي للعاملين في هذا المجال الحيوي.
توسع كمي وجودة مؤجلة
ورغم التحسن الملحوظ في تعميم التعليم الأولي وارتفاع نسب التمدرس، يؤكد التقرير أن التحدي الحقيقي لم يعد في الأرقام، بل في جودة ما يُقدَّم للأطفال، محذراً من أن استمرار هذه الاختلالات سيعيد إنتاج الفوارق الاجتماعية منذ الطفولة، ويقوض أسس العدالة التعليمية التي يُفترض أن يبدأ بناؤها من أول خطوة داخل المدرسة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك