
أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء
القسري، رفعت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان صوتها عالياً، مطالبةً
بإنصاف الضحايا وجبر الضرر وضمان عدم تكرار هذه المأساة التي تلطخ ضمير الإنسانية.
وجاء البيان الذي توصلت
"أنتلجنسيا المغرب" بنسخة منه، ليجدد التأكيد على أن هذه الجريمة
الممنهجة لا تسقط بالتقادم، وأن صمت العالم أمامها يعد تواطؤاً غير معلن مع الجناة،
وحسب ذات البيان، فإن هذه المناسبة ليست مجرد محطة رمزية بل هي نداء مستمر لإحياء
الذاكرة والاعتراف بالضحايا والعمل على محاسبة المسؤولين عن هذه الممارسات.
ووضح البيان أن العصبة، وهي تتابع
بانشغال بالغ التطورات الحقوقية وطنياً ودولياً، ترى في هذا اليوم فرصة لتجديد
الالتزام بمعركة إنسانية عادلة ضد أحد أبشع الانتهاكات التي تمس الحق في الحياة
والحرية والكرامة. وقال البيان إن ما يحدث في عدد من بؤر التوتر، وعلى رأسها
فلسطين وغزة، يمثل وجهاً بشعاً لاستعمال الاختفاء القسري كسلاح سياسي وأمني لقمع
الشعوب وكسر إرادتها.
وذهب البيان إلى أن الجرائم المرتبطة
بالاختفاء القسري ليست فقط إرثاً من الماضي القريب، بل تهديداً متواصلاً يستدعي
مواجهة حقيقية عبر تشريعات واضحة، قضاء مستقل، وإرادة سياسية صلبة تحصن المغرب من
العودة إلى الانتهاكات الجسيمة.
نـــص البيـــان كامــــلا :
بيان بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري
تخلد الأسرة الحقوقية والضمير العالمي في الثلاثين من غشت من كل سنة، اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، لإثارة انتباه الرأي العام الدولي إلى واحدة من أبشع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تمس الحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي، وتضرب في العمق كرامة الإنسان وأساس العدالة، ولتذكير الحكومات والمجتمع الدولي بمسؤوليتهم التاريخية والأخلاقية والقانونية في مكافحة هذه الجريمة التي لا تسقط بالتقادم.
والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وهي تتابع عن كثب التطورات الحقوقية وطنياً وإقليمياً ودولياً، تضم صوتها إلى أصوات المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان في كل أنحاء المعمور، وتؤكد أن الاختفاء القسري مازال يعد، في عدد من مناطق التوتر في العالم، ممارسة ممنهجة مغلفة بسياقات سياسية أو أمنية، تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة وقمع الحركات الاجتماعية وتكميم حرية التعبير، والقضاء على القوى والقيادات المطالبة بتحرير أوطانها من الاحتلال، كما هو الشأن في غزة وفلسطين، إذ تشير التقديرات إلى أن أعداد ضحايا الاختفاء القسري، تجاوزت الآلاف، وهو المعطى الذي يزكيه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الذي أشار إلى أن أكثر من 11,000 فلسطيني مختفون قسرأ حتى يوليوز 2025، من بينهم 4,700 امرأة وطفل، فيما أفاد المكتب الإعلامي لحكومة غزة بأن ما لا يقل عن 14,222 فلسطينيًا مفقودون أو تحت الأنقاض حتى فبراير 2025. "بسبب سياسة الاختفاء القسري التي تنتهجها إسرائيل، والتي تم تعزيزها بفعل الوضع الفوضوي الناتج عن عامين من الإبادة الجماعية، عبر الاعتقالات الجماعية، والقتل، والتدمير، والتهجير القسري للفلسطينيين، إضافة إلى استهداف فرق البحث والإنقاذ ومركباتهم ومعداتهم".
إن جرائم الاختفاء القسري الممارس من قبل الأجهزة النظامية في عدد من الدول، ظلت وستبقى من أبرز القضايا التي تشغل بال الضمير العالمي، وتدفعه إلى الترافع والتحسيس والمطالبة بمعاقبة كل من قام بها أو ساعد على ارتكابها، لذلك فإن هذه المناسبة الدولية تعد موعدا سنويا لمواجهة هذا الانتهاك وإعادة الاعتبار الى ضحاياه وجبر ضررهم وتحقيق العدالة لهم ولذويهم، وهي مطالب دأبت الحركة الحقوقية المغربية على المطالبة بها خلال هذا الموعد وفي مناسبات أخرى على مدار السنة.
ورغم التقدم الذي حققته بلادنا في مسار العدالة الانتقالية ومعالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة، فإن العصبة وإذ تذكر الجهات المسؤولة ببلادنا بمضمون تقريرها المتضمن للملاحظات حول التقرير الأولي بشأن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري 2021، وبضرورة العمل على تدارك ما لم يتم تداركه منها لحد الآن، لتؤكد أن الذاكرة الحقوقية المغربية ما زالت تحمل جراح ضحايا سنوات الرصاص، الذين تعرض العديد منهم لشكل من أشكال الاختفاء القسري، وهو ما يستدعي استمرار العمل على ضمان جبر الضرر الفردي والجماعي، وحفظ الذاكرة، وضمان عدم التكرار.
وفي هذا السياق، تسجل العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان ما يلي:
1. تذكير الدولة المغربية بالتزاماتها الدولية، خاصة أن المغرب صادق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وهو ملزم بملاءمة تشريعاته الوطنية مع أحكامها، وتفعيل آلياتها.
2. الدعوة إلى تقوية استقلالية القضاء وضمان فعاليته في فتح التحقيقات المتعلقة بادعاءات الاختفاء القسري أو الاعتقال التعسفي، بما يعزز الثقة في العدالة ويكرس مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
3. مطالبة الحكومة المغربية بالتسريع في إخراج القانون الجنائي والإجراءات الجنائية في صياغة تحترم المعايير الدولية، وتجريم الاختفاء القسري بشكل صريح وواضح.
4. التنبيه إلى استمرار بعض الممارسات التي تلامس شبهة الاختفاء، مثل عدم إخبار العائلات بمكان احتجاز بعض المعتقلين فور اعتقالهم، أو نقلهم إلى أماكن غير معلومة، وهو ما يقتضي إصلاحاً عميقاً في طرق تدبير الاعتقال والاحتجاز.
5. دعوة المجتمع المدني للاستمرار في رفع الوعي العام بخطورة هذه الجريمة، والعمل المشترك على ربط الماضي بالحاضر من أجل مغرب ديمقراطي يقطع نهائياً مع الانتهاكات الجسيمة.
كما تؤكد العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن الحق في معرفة الحقيقة حق أصيل للضحايا وعائلاتهم، وأن معركتنا جميعاً ضد الاختفاء القسري هي معركة من أجل حماية كرامة الإنسان وتعزيز أسس دولة الحق والقانون.
وبهذه المناسبة، تجدد العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان دعوتها إلى:
* بلورة سياسات عمومية دامجة لحقوق الإنسان تراعي كرامة المواطن وتحصن حقوقه الأساسية.
* تعزيز التعاون مع الآليات الأممية، وخاصة الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري.
*
نشر ثقافة حقوق الإنسان في مؤسسات الدولة وأجهزة إنفاذ القانون، عبر التكوين
والتدريب المستمر.
*
ضمان الحق في الذاكرة وحفظ الأرشيف المرتبط بسنوات الانتهاكات، باعتباره جزءاً من
الوعي الجماعي وضمانة لعدم التكرار.
إن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وهي تستحضر آلام ضحايا سنوات الرصاص وعذابات أسرهم، تجدد التزامها الثابت بالنضال ضد كل أشكال الانتهاكات، وتؤكد أن معركة مناهضة الاختفاء القسري هي جزء لا يتجزأ من معركة ترسيخ دولة الحق والقانون، كما تهيب بجميع الفاعلين إلى جعل هذا اليوم محطة لتعزيز ثقافة الذاكرة والاعتراف، ولتجديد العهد على أن “حقوق الإنسان كل لا يتجزأ، والذاكرة الجماعية ضمانة للمستقبل”.
ملتزمون بالدفاع عن حقوق الإنسان
المكتب المركزي
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك