المملكة المغربية تدخل منطقة العاصفة وأزمة سياسية صامتة تهزّ أركان النظام من الداخل

المملكة المغربية تدخل منطقة العاصفة وأزمة سياسية صامتة تهزّ أركان النظام من الداخل
تقارير / الخميس 27 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

تعيش المنظومة السياسية في المغرب واحدة من أكثر مراحلها هشاشة خلال العقدين الأخيرين، رغم الخطاب الرسمي الذي يروّج لصورة “الاستقرار النموذجي”.

فالأزمة لم تعد مجرد توترات ظرفية أو سوء تدبير حكومي، بل تحوّلت إلى اهتزاز عميق داخل بنية النظام نفسه، بعد أن فقدت المؤسسات الوسيطة وظائفها، وتآكلت هيبة السياسة، وتفاقمت حالة الانفصال بين الدولة والمجتمع.

حكومة بلا سلطة وبرلمان بلا تأثير

الأزمة بدأت تظهر بوضوح حين تحوّلت الحكومة إلى جهاز إداري تابع، لا يملك قراراً ولا رؤية، بينما البرلمان أصبح مؤسسة شكلية تمرّر القوانين دون نقاش فعلي.

كل ذلك خلق شعوراً عاماً بأن اللعبة السياسية فقدت معناها، وأن القرارات الحقيقية تُصنع خارج المؤسسات الدستورية، ما يعمّق أزمة الشرعية ويضعف ثقة المغاربة في أي خطاب رسمي مهما بدا مطمئناً.

ملفات الانفجار الاجتماعي تُطوّى بدل حلّها

قطاع التعليم، الصحة، الأسعار الملتهبة، غياب الشغل، الاحتجاجات المحلية، قضية الصحة النفسية الجماعية، انهيار الطبقة الوسطى… كلها مشاكل تعالجها السلطة بسياسة “الإطفاء المؤقت”، عبر القمع أو التهدئة الظرفية أو صناعة انشغالات بديلة.

لكنّ الواقع يزداد تعقيداً، والاحتقان يتوسع، والهوة بين المواطنين والمؤسسات الرسمية أصبحت خطاً سياسياً واضحاً لا يستطيع أي خطاب إنكاره.

تضييق على حرية التعبير مؤشر على الخوف وليس القوة

الاعتقالات المتتالية لصحافيين ومؤثرين وفاعلين رقميين، وتشديد الرقابة على النقاش العمومي، وتضييق الخناق على المنظمات المستقلة… كلها تعكس نظاماً يدخل مرحلة دفاعية، يخشى فيها الكلمة أكثر مما يخشى الفعل.

فحين يعتقل النظام يوتوبر لأنه انتقد سياسات الدولة، فهذا يعني أن السلطة لم تعد تواجه معارضة سياسية منظّمة، بل تواجه مجتمعاً بأكمله فقد خوفه القديم.

معارضة مُحاصرة وأحزاب تبحث عن دور مفقود

الأحزاب الرسمية تحوّلت إلى أجهزة صامتة، تردد خطاب الدولة دون قدرة على إنتاج بدائل أو تعبئة المواطنين.

والمعارضة التقليدية فقدت بريقها بعد عقود من التدجين، فيما المعارضة الجديدة، سواء الرقمية أو الحقوقية، تتعرض لحصار منهجي، لأنها أصبحت الفضاء الوحيد الذي يكشف التناقضات والسياسات الفاشلة.

نسق سياسي بلا مشروع ودولة تُدَار بمنطق اليومي

أخطر ما في الأزمة أنها ليست صراعاً بين فرقاء سياسيين، بل أزمة مشروع ووجهة. النظام المغربي يعيش اليوم ارتباكاً واضحاً في الرؤية:

لا نموذج اقتصادي واضح،

لا مشروع اجتماعي قادر على خلق الثقة،

ولا تصور سياسي يعيد الاعتبار للمؤسسات.

بالمقابل، القرارات الكبرى تُدار بآلية فوقية، بلا نقاش عمومي ولا محاسبة حقيقية، ما يجعل البلد شبيهاً بدولة تُسيّر بمنطق “التدبير العاجل” لا بمنطق التخطيط الاستراتيجي.

المغرب على حافة منعطف تاريخي

الأزمة السياسية التي يواجهها النظام ليست مجرد اضطراب، بل مؤشر على منعطف عميق أهم تجلياته:

تآكل الشرعية،

صعود وعي شعبي غير قابل للاحتواء،

غضب اجتماعي بلا وسطاء،

نظام سياسي يحاول إخفاء ارتباكه عبر تشديد القبضة الأمنية.

فالمغرب يعيش اليوم مرحلة دقيقة: إمّا أن يدخل إصلاحاً حقيقياً يعيد بناء الثقة ويعيد السلطة إلى المؤسسات، أو يستمر في طريق الانغلاق، بما يحمله من مخاطر انفجار اجتماعي غير محسوب.

فالمشهد واضح: النظام يعيش الأزمة… والمغاربة يعيشون نتائجها.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك