آسفي تقود ثورة الماء في المغرب: محطات التحلية تضع الإقليم في قلب معركة الأمن المائي

آسفي تقود ثورة الماء في المغرب: محطات التحلية تضع الإقليم في قلب معركة الأمن المائي
تقارير / الجمعة 01 أغسطس 2025 - 16:00 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد العرش المجيد

أنتلجنسيا المغرب: وصال . ل

يشهد إقليم آسفي اليوم حركية غير مسبوقة في مجال تدبير الموارد المائية، في سياق وطني حافل بالتحديات المرتبطة بندرة المياه، حيث تتجه الأنظار نحو مشاريع ضخمة تجمع بين الابتكار التكنولوجي والعدالة المجالية. الإقليم الذي كان إلى وقت قريب من المناطق الأكثر تأثرًا بالإجهاد المائي، أصبح اليوم نموذجًا يحتذى به في تنزيل سياسات الاستدامة.

في صلب هذه الدينامية، انطلقت أشغال محطة التحلية الجديدة "موجة 2" في قلب المركب الصناعي للمكتب الشريف للفوسفاط، لتكمل مشوار "موجة 1" التي دخلت حيز الخدمة سنة 2024. المحطة الجديدة ستوفر ما يقارب 150 مليون متر مكعب سنويًا، ما سيغطي حاجيات المنشآت الصناعية الكبرى والمجال الحضري الممتد إلى مدينة مراكش.

المسؤول عن المشروع، عثمان أبوسلهام، أوضح أن "موجة 2" ليست مجرد مشروع تقني، بل رؤية استراتيجية تنخرط ضمن مسلسل دائري يبدأ من البحر، ويمر بالاستهلاك الحضري، وينتهي بإعادة استعمال المياه العادمة لأغراض صناعية، في احترام تام للبيئة والمقاربة المستدامة التي ينهجها المكتب الشريف للفوسفاط.

وإلى جانب البعد البيئي والتقني، فإن المشروع يحمل بُعدًا اجتماعيًا قويًا، إذ يشغّل أكثر من 1200 عامل، أغلبيتهم من أبناء المنطقة، كما يخلق فرصًا كبيرة للمقاولات المغربية التي تستأثر بنسبة 70% من صفقات الخدمات، في خطوة تعكس البُعد الوطني للمبادرة.

لكن آسفي لا تكتفي بالرهان على محطات صناعية كبرى، بل تمضي قدمًا في برنامج اجتماعي موازٍ يرمي إلى تعميم الولوج إلى الماء الشروب في المناطق القروية والنائية، من خلال تعبئة الشركة الجهوية متعددة الخدمات بمراكش آسفي. البرنامج يشمل إحداث 43 محطة للتحلية على صعيد الجهة، منها 12 بإقليم آسفي.

وبالفعل، دخلت الخدمة ست محطات صغيرة لتحلية مياه البحر والمياه الأجاج بمناطق مثل آيير، البدوزة، المعاشات، جمعة سحيم، والتوابت، فيما تتواصل أشغال ست محطات إضافية. ويؤكد محمد كورماط، رئيس قسم الدراسات المائية، أن هذه المنشآت ستغطي الحاجيات الأساسية للمناطق القروية، عبر الربط المباشر أو من خلال خزانات متنقلة.

وتقدّر الكلفة الإجمالية للبرنامج بحوالي 445 مليون درهم، بتمويل مشترك بين وزارة الداخلية ومجلس جهة مراكش آسفي، في تجسيد فعلي لفلسفة التقائية البرامج وتكامل الجهود بين المركز والجهة.

وفي ظل هذه المشاريع المندمجة، يرسّخ إقليم آسفي مكانته كقاطرة وطنية في ميدان التدبير الذكي للماء، ويعيد رسم صورة المغرب كبلد قادر على التأقلم مع تغيرات المناخ، عبر استراتيجيات متكاملة تتجاوز الحلول الترقيعية نحو مشاريع بنيوية بعيدة المدى.

إن ما يجري اليوم في آسفي ليس مجرد ردّ فعل ظرفي، بل إعلان صريح عن ميلاد نموذج وطني جديد في تدبير الماء، يزاوج بين التكنولوجيات المتطورة، التنمية الترابية، والعدالة الاجتماعية، في مشهد لم تعهده الأقاليم المغربية من قبل.

وسط شح الموارد المائية الذي يهدد العالم بأسره، يظهر المغرب من جديد كدولة تتقدم بخطى حازمة نحو سيادة مائية، وآسفي تتقدم الصفوف، لتقدم للعالم درسًا في كيفية تحويل التحدي إلى فرصة، والجفاف إلى قوة دفع نحو المستقبل.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك