"محمد الطالبي" أول مباراة يلعبها فريق الكفاح سنة 1956 وأحداث البطولة.. (الجزء الثاني)

 "محمد الطالبي" أول مباراة يلعبها فريق الكفاح سنة 1956 وأحداث البطولة.. (الجزء الثاني)
تقارير / الاثنين 14 يوليو 2025 - 20:00 / لا توجد تعليقات:

بقلم: محمد الطالبي

  • محطة المشاركة الأولى في بطولة عصبة الغرب 1956/1961
  • أحداث الشغب بين جمهور سيدي يحيى الغرب وسيدي سليمان

توفرت الشرعية القانونية لجمعية كفاح سيدي يحيى لكرة القدم، بعد اكتمال الملف القانوني المرتبط بالترخيص لمزاولة الأنشطة انسجامًا مع القوانين المنظمة للجامعة الملكية عامة وقانون عصبة الغرب خاصة بداية سنة 1956، وتحددت الألوان الثلاثة الخاصة بشعار النادي في "الأسود - الأخضر – الأبيض"، وخيطت أولى البذلات بالأخضر المفتوح والأبيض على الذراعين والأخضر الغالق والأسود، وبات الفريق في أتم الاستعداد، لخوضه لمجموعة من التداريب بالملعب البلدي المحاط بالعديد من أشجار الأوكلبتوس، تستغل ظلها الجماهير التي كانت تتابع المباريات بانتظام، وحتى الحصص التدريبية التي كان يجريها الفريق بأرضية الملعب.

انطلقت رسميًا بطولة عصبة الغرب للموسم الكروي بداية شهر أكتوبر من الموسم الكروي 1956/57، بتوفر الكفاح على تركيبة بشرية هامة بتمثيلية رمزية للاعبين من أصول جزائرية كانوا مستقرين بصفة شبه دائمة، غالبيتهم من عمال "معمل السيليلوز المغرب" لصناعة الورق، مندمجين داخل المجتمع المحلي عن طريق المصاهرات أو الجوار، وبأغلبية لاعبين محليين بمن فيهم الفريق الوجدي المتميز الحاضر وقتها بقوة، حيث إن معظمهم كان يتملك موهبة كروية بالفطرة مليئة بالإرادة والرغبة في الدفاع عن حمل قميص نادٍ اسمه يرمز للتحرر والنصر ويعبر عن تاريخ نضالي ظل ملتسقًا بالهوية اليحياوية التي ارتبطت العديد من أحداث المقاومة برجالاتها.

حيث شرف الدفاع عن ألوان فريق كانت مسألة تتشكل من غالبية لاعبيه من ساكنة دوار الشانطي، الذي كان يعرف نموًا ديمغرافيًا واسعًا قياسًا بساكنة "الديور والعمارات" التي كانت تمثل أقلية عددية ديمغرافيًا عكس ساكنة الحي الصفيحي، الذي تميز وقتها بتصميم لأزقته الواسعة، وبتنظيمه التجمعي القبلي في العديد من النقط التي اختار أصحابها التجمع بنفس الأزقة أو المنطقة للحفاظ على تقاليدهم الأصلية المشتركة، عند إحياء مناسبات الأعياد الدينية والوطنية، وللتآزر والتضامن وتقوية الروابط.

تلك الساكنة التي كانت بدورها تناضل وتعيش مرحلة البناء للخروج من تصنيف القرية إلى صنف المدينة، متأثرة بالتقدم الذي كانت تعاينه عند زياراتها لقرى ومدن الجوار في مقدمتهم (حاضرة القنيطرة) التي عرفت حينها نهضة عمرانية متميزة، وتنمية شاملة سارت بوتيرة سريعة على مستوى البنى التحتية من طرقات وتبليط للأزقة وملاعب رياضية (الملعب البلدي) الذي لا زال شاهدًا على العصر وهو يستقبل مقابلات الفرق الوطنية اليوم، بالإضافة إلى تأهيل مختلف المرافق الاجتماعية والثقافية ودور الشباب والسينما وغيرها من المرافق.

مع اقتراب موعد البطولة، كثف المسيرون من تنظيم مباريات ودية أجريت داخل وخارج المدينة استعدادًا للبطولة الرسمية، وكانت تجلب جمهورًا واسعًا، استطاع بسببها فريق المدينة "الكفاح" أن يكسب شعبية وتعاطفًا كبيرين، تشكلت على إثره قاعدة جماهيرية استثنائية حين كان ملعبها يستقبل جمهورًا من الجنسين، (الإناث والذكور)، وهي خاصية عُرفت بها مباريات الكفاح واستمرت إلى حدود ثمانينيات القرن الماضي، ميزت وقتها جمالية اللوحة التي رسمها الحضور لمشاهدة المباريات التي كانت تُدار بالملعب البلدي الترابي، قبل أن يتوقف هذا الحضور النسوي المتميز لأسباب ودواعٍ تبقى غائبة عن أي تفسير للظاهرة اليوم.

مرت المواسم الكروية 1956/57/58/59/60 في جو مليء بالعطاء المتميز لأبرز الأسماء التي لعبت في تلك الحقبة، نشير لأسمائهم احترامًا للتاريخ، ونلتمس العذر لمن سقط اسمه عن ذاكرتنا سهوًا، أسماء نقشت تاريخ كرة القدم اليحياوية بمداد من ذهب وأمنت الاستمرارية عبر الأبناء، حيث سنكتشف أن العديد من اللاعبين الذين تعاقبوا على حمل قميص الكفاح ينتسبون في الأصل للاعبين قدماء من عائلاتهم، وعلى رأسهم: "التواتي ـ بنجدو - بن أحمد الحيحي".

فالرحمة والمغفرة لمن غادر إلى دار البقاء، وطول العمر والصحة والعافية لمن لا زال يعيش بين ظهرانينا من الأسماء التالية: المرحوم عمر التواتي - المرحوم عبد الحق القادري - المرحوم محماد الشضوشي - المرحوم محمد باحمو - المرحوم عبد السلام السلاوي - المرحوم عبد السلام لكراتي - المرحوم حسن الزهاني - المرحوم الكبش - الأخوين امحمدا والمرحوم حسن السيوطي (المعروفين بأولاد اعويشة) - سعيد بن أحمد (الحيحي) - أحمد دجيبوري - إبراهيم الوجدي - المرحوم قاسم الوجدي - محمد بودودة (الشنوفي) - المرحوم قاسم شابو - المرحوم محمد زرقون - المرحوم محمد التواتي - عمر الهواري - لحسن أخذي - محمد اعميرة - بوزيان محمد الوجدي - العربي البعمراني - هدي مروان - حماد أميود...

والمدينة تستأنس وتنتشي بفريقها الذي أصبح يمثل واجهة رياضية ورمزًا من رموز التقدم والرقي في زمن كنا بالكاد خارجين من تجربة احتكار الجالية الفرنسية لهذا النوع من الرياضة، التي أصبحت تزداد أهمية بين الأوساط الشعبية، تدفع إلى توسيع دائرة الممارسة لدى الأطفال في زمن كانت تكلفة الحصول فيه على كرة بلاستيكية أو جلدية (هنغاريا) حكرًا على أصحاب المال من الأسر الميسورة، مقابل استعمال أطفال الطبقة الثالثة لكرات تتشكل في غالبيتها من بقايا الورق ملفوفة في بقايا الأثواب، في زمن كانت الأثواب بدورها مكلفة، حيث كانت تمثل لهم متنفسًا لا خيار غيره ووسيلة لملء الوقت الفارغ من خارج الحصص المدرسية.

مرت المواسم الكروية الأربعة الأولى على تأسيس الفريق والفريق مستقر النتائج محتفظًا على تموقعه وسط سبورة الترتيب، استطاع خلالها فريق "الكفاح" أن يفرض اسمه في المشهد الكروي الغرباوي وينال احترام الخصوم... ذلك الاحترام الذي كان يقاس بقيمة حضور الجمهور المتتبع لمباريات الكفاح في مختلف ملاعب المدن، "القنيطرة - الرباط - سيدي سليمان..."

في الموسم الكروي الأول، والفريق ينشط البطولة ويبحث عن مكانة له ضمن محترفي اللعبة، وبدأ الطموح يكبر بضغط من الجمهور الذي استهوته هذه اللعبة الدخيلة وأصبح متيمًا بها وبمشاهدة لاعبي فريقه يتألقون في الملاعب، وأصبحت هذه اللعبة الرابط بين الجمهور والنادي، حيث تتقوى وتتوسع دائرة الدعم من طرف الجماهير اليحياوية التي كانت تتنقل بانتظام لمساندة فريقها، سيأتي الموسم الكروي 1961/62...

حدث وسبق أن استقبل فريق الكفاح غريمه التقليدي فريق حسنية سيدي سليمان في مقابلة إياب، كانت قد عرفت نهاية مباراة ذهابها أحداثًا غير طبيعية، إثر تعرض اللاعبين والجمهور المرافق لاعتداءات جسدية، داخل رقعة الملعب أثناء وبعد نهاية المقابلة التي عرفت بالمناسبة نتيجة فوز الحسنية بإصابة لصفر، نتيجة لم تحد من عدوانية الجمهور "الحسناوي السليماني" الذي ظل يطارد جمهور الكفاح المترجلين في أعمال شغب غير مقبولة، حيث تلك الفترة كان شبه غياب تام لوسائل النقل العمومية، باستثناء حافلة معمل السيليلوز التي بقيت مركونة لدى مركز الدرك الملكي لتأمينها، واستمرت مطاردة جمهور سيدي يحيى الغرب، إلى حدود مخارج المدينة الغربية على بعد 5 أو 6 كيلومترات.

وبعد هذه الوقائع والأحداث، جاءت مباراة الإياب لفريق حسنية سيدي سليمان للتنقل إلى ملعب كفاح سيدي يحيى لإجراء مقابلة العودة، وكُلف كالعادة المرحوم المغاري البراح التقليدي بإخبار الساكنة بموعد لقاء العودة، كان المرحوم المغاري يقوم بمهمة التبراح، وهو يطوف أزقة وشوارع المدينة "الفيلاج والدوار"، وكان هذا الرجل يجمع "النخالة والخبز اليابس..." الذي كان يختص في تجارته، وهو الذي كانت السلطات الترابية الرسمية بدورها، تعتمد عليه بتكليفه للقيام بنفس الرسالة عند رغبتها في إخبار الساكنة بحملات التلقيح والبرامج الاجتماعية أو الاحتفالات الرسمية، التي كانت تدعو لها الإدارة الترابية المحلية.

عرفت مباراة الإياب غليانًا منقطع النظير، تشكلت مجموعات شبابية للتنسيق بينها داخل الأزقة والأحياء، وأمام سينما كوباكابانا (copacabana)، والمقاهي، وكان الخطاب الوحيد السائد ليلتها هو التحضير لرد الاعتبار لمكونات الفريق من لاعبين وجمهور والانتقام من فريق الحسنية والجمهور الذي سيرافقها لمدينة سيدي يحيى.

جاء اليوم الموعود لمقابلة الإياب التي دارت أطوارها في جو مشحون مليء بالكراهية وعبارات التهديد والسب في حق لاعبي الحسنية ومرافقيهم من بين الجمهور الذين اختفوا بسرعة وسط الجمهور الذي حضر بأعداد غفيرة وغير مسبوقة.

من بين أهم المجموعات تلك التي كانت تجتمع بـ"القاعة" التي تعتبر جزءًا من الهوية التاريخية لأبناء المدينة من مختلف المناطق "الديور والدوار" وفق ثقافة ذلك الزمن.

كل هذه الأجواء المشحونة ساعدت في تنفيذ رد الفعل العدائي رغم الاحترازات الأمنية الاستباقية وقتها وطلب توفير الدعم الأمني، حيث وفرت الجماهير أدوات طبيعية لتنفيذ أي مشروع أو نية اعتداء بواسطة الحجارة والعصي، حيث كانت جنبات الملعب محاطة بأشجار الأوكلبتوس...

يتبع...

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك