أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
أفادت المندوبية السامية للتخطيط أن الاقتصاد الوطني يستعد لتسجيل تحسّن ملحوظ خلال الفصل الثالث من سنة 2025، مدفوعاً باستمرار زخم الطلب الداخلي وتحسن المؤشرات الفلاحية والصناعية.
ووفق التقديرات الصادرة حديثاً، يُتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي الوطني نحو 4,4 في المائة، وهو رقم يُعد من أعلى المعدلات المسجلة خلال السنوات الأخيرة بعد الجائحة.
عودة الدينامية الاقتصادية تدريجياً
بحسب مذكرة الظرفية الصادرة عن المندوبية، فإن النمو المتوقع يعكس عودة تدريجية للحركية الاقتصادية في عدة قطاعات حيوية، وفي مقدمتها الاستهلاك الداخلي، الفلاحة، والصناعات التحويلية. وتشير الوثيقة إلى أن هذا التحسن لن يكون معزولاً، بل يأتي امتداداً للمنحى التصاعدي الذي بدأ منذ بداية السنة، بفضل استقرار نسبي في أسعار المواد الأولية والأساسية، وتحسن سلاسل التوريد العالمية.
الطلب الداخلي يقود القاطرة مجدداً
مرة أخرى، يُتوقع أن يُسهم الطلب الداخلي بدور جوهري في تحقيق هذا النمو، عبر انتعاش الاستهلاك الأسري، وعودة الاستثمارات الخاصة إلى وتيرتها المعتادة، إلى جانب استمرار الإنفاق العمومي الموجه للبنيات التحتية والخدمات الأساسية. وتشير المندوبية إلى أن إنفاق الأسر ظل مدعوماً بزيادة مداخيل الشغل وتحسن ثقة المستهلك، إلى جانب أثر بعض الإجراءات الحكومية الاجتماعية المباشرة التي عززت القدرة الشرائية.
القطاع الفلاحي يُواصل الانتعاش
في مكوناته القطاعية، يُتوقع أن يشهد القطاع الفلاحي تحسناً كبيراً مقارنة مع السنة الماضية، بفضل تحسن الظروف المناخية خلال موسم 2024-2025، وارتفاع الإنتاج في عدد من السلاسل الزراعية كالحبوب، الزيتون، والخضروات الموسمية. ويُرجح أن يُسهم القطاع الفلاحي بشكل واضح في رفع نسبة القيمة المضافة الإجمالية خلال هذا الفصل، خاصة في المناطق التي استفادت من مشاريع الري والتأهيل الزراعي.
القطاع الصناعي يحقق أداءً إيجابياً
أما على صعيد الأنشطة غير الفلاحية، فتشير المعطيات إلى تحسن مستمر في أداء قطاع الصناعات التحويلية، لاسيما في فروع النسيج والصناعات الغذائية والميكانيكية، مدعوماً بتحسن الطلب الداخلي وتزايد الطلبيات الخارجية في بعض الأسواق الأوروبية. كما يُتوقع أن يُسهم قطاع البناء والأشغال العمومية بدوره في تعزيز النمو، بفضل استمرار المشاريع السكنية والبنيات التحتية الكبرى.
الصادرات في وضعية متذبذبة
ورغم المؤشرات الإيجابية على المستوى الداخلي، فإن الطلب الخارجي الموجه للمغرب لا يزال يواجه ضغوطاً، نتيجة تباطؤ اقتصادي في بعض الأسواق الشريكة، خاصة في أوروبا. ويُرجح أن تبقى مساهمة الصادرات في النمو الإجمالي محتشمة خلال الفصل الثالث، رغم المجهودات المبذولة في إطار تنويع الأسواق والرفع من تنافسية العرض المغربي.
التضخم تحت السيطرة وتكلفة المعيشة تتحسن
على مستوى الأسعار، تتوقع المندوبية أن يواصل معدل التضخم مساره التراجعي، ليستقر في مستويات قريبة من 1,5 في المائة، بفعل استقرار أسعار المواد الغذائية الأساسية وتراجع أسعار الطاقة عالمياً. وهذا التراجع في التضخم من شأنه أن يُخفف الضغط على مداخيل الأسر ويُعزز مجهودات الاستهلاك، ما يُعطي دعماً إضافياً للنمو الداخلي.
تحديات قائمة رغم المؤشرات الإيجابية
ورغم هذا التحسن المرتقب، تبقى بعض التحديات قائمة، على رأسها هشاشة التوازنات المالية العمومية، وتقلبات السوق الدولية، بالإضافة إلى استمرار فجوة النمو بين المجالين القروي والحضري. كما يشكل تعزيز التشغيل، خاصة في صفوف الشباب، أولوية ملحة لضمان استفادة أكبر من ثمار النمو.
نحو تعزيز الثقة في الأفق الاقتصادي
تُعد هذه التوقعات الإيجابية فرصة حقيقية لإعادة الثقة في الأفق الاقتصادي للمملكة، خاصة مع اقتراب موعد الاستحقاقات التنموية الكبرى، كتنزيل النموذج التنموي الجديد واستمرار العمل على تحسين مناخ الأعمال. ويبدو أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو استعادة حيويته الاقتصادية، شريطة تسريع الإصلاحات الهيكلية وضمان عدالة توزيع ثمار النمو على جميع الفئات والمجالات.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك