الفرنسيون يدخلون الصحراء بثقلهم المالي واستثمارات بملايين اليوروهات تعيد رسم ملامح التنمية

أنتلجنسيا المغرب: أبو دعاء

في خطوة لافتة تحمل أبعاداً سياسية واقتصادية عميقة، أعلنت الوكالة الفرنسية للتنمية نيتها ضخ تمويلات ضخمة تناهز 150 مليون أورو بالأقاليم الجنوبية للمغرب، في مؤشر قوي على التحول النوعي في علاقات باريس بالرباط، واستثمار مباشر في المسار التنموي الذي أطلقه الملك "محمد السادس" في هذه الربوع منذ سنوات.

هذه الخطوة تأتي لتأكيد الدعم الأوروبي المتزايد لمغربية الصحراء من بوابة الاقتصاد والتنمية.

المدير العام للوكالة الفرنسية، ريمي ريو، لم يخفِ انبهاره بحجم التحولات التي تعرفها جهة العيون-الساقية الحمراء، معبّراً عن إعجابه بجودة البنيات التحتية والمشاريع الكبرى التي تم إنجازها، مؤكداً أن الوكالة عازمة على أن تكون شريكاً فاعلاً في هذا المسار، عبر خبراتها وتمويلاتها، لا سيما في مجالات الشغل، المقاولات، والمناطق الصناعية، مما سيمنح زخماً إضافياً لتطلعات الشباب في المنطقة.

زيارة الوفد الفرنسي للعيون لم تكن بروتوكولية، بل ميدانية بكل تفاصيلها، حيث تنقل أعضاؤه بين مشاريع اجتماعية وتربوية واقتصادية، ووقفوا عن قرب على الدينامية التي تعرفها الجهة، كما تفقدوا ميناء العيون واستمعوا لعرض مفصل حول توسعته ودوره في حركة تفريغ المنتجات البحرية، وهو ما يعكس رغبة فرنسية واضحة في فهم العمق الاقتصادي للمنطقة ومواكبته.

ولم تكتف الوكالة الفرنسية بالتعهدات اللفظية، بل أعلنت عزمها على تعميق الشراكات مع المكتب الشريف للفوسفاط في مجالات البحث التطبيقي، خاصة في الزراعة والبيئة، من خلال مشاريع واعدة في إزالة الكربون من سلاسل الإنتاج، بما يعزز مكانة المغرب في منظومة الاقتصاد الأخضر إقليمياً ودولياً.

هذه الزيارة التي تمت في سياق الشراكة المعززة بين الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تعكس تحوّلاً عميقاً في منهجية التعاون الثنائي، حيث لم يعد مقتصراً على التصريحات الدبلوماسية، بل بات يأخذ طابعاً ميدانياً مباشراً، يخدم بشكل ملموس رؤية ملكية واضحة تجعل من الأقاليم الجنوبية نموذجاً للتنمية الشاملة والاندماج القاري.