متى تتحرّك القنصلية المغربية في إسبانيا؟ ومأساة وفاة أسرة كاملة بسبب تسرب الغاز تعري الغياب الفاضح للمؤسسات

متى تتحرّك القنصلية المغربية في إسبانيا؟ ومأساة وفاة أسرة كاملة بسبب تسرب الغاز تعري الغياب الفاضح للمؤسسات
بانوراما / الأربعاء 26 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:إسبانيا(مالقا)

اهتزّت الجالية المغربية في إسبانيا، وتحديداً بمدينة تورّوخس (Torrox) بمنطقة أكسارقية (Axarquía)، بالقرب من مالقا على فاجعة مرعبة بعدما لقيت أسرة مغربية مكوّنة من أربعة أفراد مصرعها داخل منزلها، جراء تسرب غاز قاتل، في حادث مأساوي وقع يوم أمس الثلاثاء 25 نونبر الجاري، حوالي الساعة الثالثة و20 دقيقة بعد الزوال، داخل الحي الهامشي المعروف بـ"إل بونتيل" (El Pontil).

الضحايا هم الأب سعيد رباح، والأم السعدية التباع، إضافة إلى ابنيهما: محمد رباح البالغ 19 سنة، ومصطفى رباح البالغ 17 سنة. عائلة بكاملها اختنقت داخل مسكنها نتيجة تسرب غاز أحادي الكربون المنبعث – وفق المعطيات الأولية – من سخان ماء معطّل لم يخضع لأي مراقبة تقنية.

وأكّدت مصادر بلدية نقلت عنها وسائل إعلام دولية وإسبانية أن الأسرة عُثر عليها جثثاً هامدة داخل البيت، فيما سادت صدمة عميقة في أوساط الجيران الذين هرعوا في مشاهد مؤلمة نحو المنزل فور انتشار الخبر، وسط بكاء حار ونوبات انهيار، حيث عبّرت الأسرة والأصدقاء والجيران عن ذهولهم من أن “أسرة هادئة ومكافحة انتهت حياتها بهذه الطريقة القاسية”.

وتحوّل محيط المنزل، منذ الساعات الأولى بعد الحادث، إلى بؤرة حزن جماعي؛ إذ كشفت مصادر محلية أنّ العائلة كانت معروفة بنزاهتها واندماجها في المجتمع المحلي، وأن الابنين كانا يتابعان دراستهما ويخططان لمستقبل أفضل.

غير أن هذه الفاجعة تجرّ وراءها أسئلة كبرى تتعلّق بدور القنصلية المغربية في مالقة وباقي التمثيليات الدبلوماسية عبر إسبانيا. أين هي القنصليات عندما يحتاج المواطنون المغاربة—خصوصاً القاطنين في ظروف اقتصادية صعبة—إلى تحسيس وتوعية بخطر تسرب الغاز؟ أين هي عندما تحدث هذه الكوارث المميتة ويكون نقل الجثامين والتواصل مع السلطات الإسبانية ضرورة مستعجلة لا تقبل التأجيل؟

فالدور القنصلي لا يجب أن يكون مجرد ختم جوازات وإصدار وثائق، بل حماية فعلية للجالية، ورصد دائم لظروف عيشها، ومواكبة إنسانية وقانونية في مثل هذه الحوادث التي تتكرر للأسف بشكل لافت في السنوات الأخيرة. فالمناطق الهامشية التي يقطنها العديد من المهاجرين تفتقر في الغالب إلى شروط السلامة، وهو ما يستدعي تدخل الدولة المغربية عبر قنواتها الرسمية لتنظيم حملات توعية وتواصل مباشر مع الأسر الأكثر هشاشة.

كما أن التحقيقات الجارية حالياً من طرف الشرطة الإسبانية يجب أن تواكبها مبادرات دبلوماسية مغربية لضمان احترام المساطر، وتقديم الدعم النفسي واللوجستي لعائلة الضحايا، والعمل على تسريع عمليات نقل الجثامين إن رغبت الأسرة في ذلك، مع تأمين تتبع مستمر للملف.

إن وفاة أسرة رباح بهذه الطريقة المفجعة ليست مجرد حادث عرضي؛ إنها دليل حي على هشاشة وضع فئات واسعة من الجالية المغربية فوق التراب الإسباني، وعلى ضرورة يقظة الاستقبال القنصلي، وفاعلية عمل ممثلي الدولة المغربية في الخارج.

اليوم، لم تعد الأسئلة تحتمل التأجيل من قبيل:

هل ستتحرك القنصلية المغربية بإسبانيا؟

هل ستضع هذه الفاجعة حدّاً للاختلالات البنيوية في حماية المواطنين المغاربة بالخارج؟

أم سيطال النسيان هذه الأسرة كما نُسيت أسر قبلها؟

المغاربة خصوصا منهم القاطنين بإسبانيا، ينتظرون إجابة واضحة وفعلاً ملموساً، لا بيانات باردة بعد فوات الأوان.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك