باريس وروما يد واحدة؟" تقارب فرنسي-إيطالي يربك حسابات جنرالات الجزائر

باريس وروما يد واحدة؟" تقارب فرنسي-إيطالي يربك حسابات جنرالات الجزائر
دولية / الأربعاء 04 يونيو 2025 - 17:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:للا الياقوت

شهدت العلاقات الدبلوماسية في منطقة البحر الأبيض المتوسط منعطفًا غير متوقع، بعد اللقاء الذي جمع أمس الثلاثاء بين رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في خطوة بدت للمتابعين وكأنها إعادة بناء محور سياسي - اقتصادي جديد بين باريس وروما.

هذا اللقاء، الذي تزامن مع توترات إقليمية متصاعدة، جاء ليُربك الحسابات الجيوسياسية للنظام العسكري الجزائري، الذي راهن في الأشهر الأخيرة على تعزيز الشراكة مع إيطاليا، كرد فعل على اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، وما تلاه من تدهور في العلاقات الجزائرية-الفرنسية.

 الجزائر بين باريس وروما: محاولة هروب نحو الجنوب الأوروبي

بعد أن فقدت الجزائر توازنها الدبلوماسي مع فرنسا، نتيجة مواقف باريس الأخيرة تجاه ملف الصحراء المغربية، حاول النظام العسكري نقل ثقله السياسي والاقتصادي نحو إيطاليا، مستغلاً علاقات الطاقة، وتصدير الغاز الطبيعي عبر أنبوب "TransMed".

لكن اللقاء الأخير بين ماكرون وميلوني وجّه رسالة واضحة مفادها أن إيطاليا لا ترغب في الانخراط في محاور معادية لفرنسا، بل تسعى لإعادة تموضعها في حلف أوروبي موحد، يقوم على المصالح المشتركة، وأبرزها أمن المتوسط ومواجهة الهجرة غير النظامية والتطرف.

 الصحراء المغربية..كلمة السر في كل التوترات

منذ أن أعلنت فرنسا دعمها الصريح والرسمي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد وواقعي لنزاع الصحراء، دخلت علاقتها مع الجزائر في نفق مسدود. وبدل تبني منطق الحوار، اختار النظام الجزائري التصعيد، وسحب السفراء، وتجميد التعاون الأمني.

وكانت الجزائر تأمل أن تجد في روما حليفًا بديلاً، خاصة في ظل حاجات أوروبا المتزايدة للطاقة بعد الحرب في أوكرانيا. غير أن زيارة ميلوني لباريس، وحرصها على التنسيق مع ماكرون، أوضحا أن إيطاليا ليست مستعدة للتضحية بعلاقتها مع فرنسا من أجل أجندة معزولة.

 حسابات النظام العسكري بين العزلة والارتباك

التحالف الفرنسي الإيطالي يُعد ضربة موجعة لدبلوماسية الجنرالات، التي استثمرت بشكل كبير في خطاب "المظلومية الاستعمارية" ومحاولة شيطنة فرنسا أمام الداخل والخارج. فالتقارب الحالي يعني أن الجزائر قد تجد نفسها محاصرة سياسيًا من ضفتي المتوسط، في وقت تواجه فيه تحديات داخلية غير مسبوقة:

تراجع اقتصادي بفعل تذبذب عائدات النفط والغاز.

تصاعد الغضب الشعبي واحتجاجات اجتماعية.

انسداد سياسي بسبب القبضة الأمنية والعسكرية.

 الغاز ورقة لم تعد كافية

رغم الترويج الجزائري لقدرتها على "تعويض الغاز الروسي" لإيطاليا وأوروبا، إلا أن الواقع يظهر عكس ذلك. فالدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، سرّعت مشاريع التحول الطاقي والاستثمار في بدائل دائمة، مما يجعل ورقة الطاقة الجزائرية محدودة التأثير على المدى المتوسط والبعيد.

وفي هذا السياق، يبدو أن روما باتت ترى مستقبلها الطاقي في تنويع الشركاء لا في الارتهان لخيارات أحادية، خاصة تلك المشبوهة سياسيًا.

المغرب شريك استراتيجي رابح في كل الاتجاهات

في المقابل، يواصل المغرب تعزيز علاقاته الاستراتيجية مع أوروبا، خاصة فرنسا وإسبانيا وألمانيا، مع تقارير تؤكد وجود اتصالات متقدمة مع إيطاليا أيضًا بخصوص الاستثمار، الطاقة، ومكافحة الهجرة غير الشرعية.

ورغم محاولات الجزائر التشويش، فإن الموقف الأوروبي يتجه نحو دعم الطرح المغربي في قضية الصحراء، باعتباره حلاً واقعياً يحفظ الاستقرار الإقليمي.

 تحالفات تتغير والمغرب يربح بالنقاط

لقاء ميلوني – ماكرون أعاد ترتيب الأوراق في شمال إفريقيا، وجعل النظام الجزائري في وضع دفاعي حرج. التقارب الفرنسي الإيطالي لا يقتصر على الملفات الثنائية، بل يحمل دلالات جيواستراتيجية عميقة، تؤكد أن زمن المعسكرات المغلقة قد انتهى.

في هذا السياق المتغير، يبدو أن المغرب هو المستفيد الأكبر من التحول الأوروبي، بفضل ديبلوماسيته الهادئة وتحالفاته المتينة، فيما يواصل النظام الجزائري خوض معارك خاسرة... ضد الجميع

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك