الطفل الذي سُرق منه العرش فعاد بعد عقدين لينتقم ويسترجع مجد والده المغدور

الطفل الذي سُرق منه العرش فعاد بعد عقدين لينتقم ويسترجع مجد والده المغدور
قصة قصيرة / الاثنين 28 يوليو 2025 - 22:55 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد العرش المجيد

أنتلجنسيا المغرب: هيئة التحرير

كان الوقت مساءً حين اهتز القصر على وقع صرخات لم يكن مصدرها حربًا، بل خيانة. في تلك الليلة المظلمة، حيث السماء أمطرت نارًا على الملك الشرعي، سُفكت دماء الأب تحت أنظار الحرس الذين باعوا ولاءهم في صمت.

سقط الملك، وارتفع صوت الرصاص، واختفى الطفل. لم يكن يدرك أن اللحظة التي غاب فيها عن حضن والده، ستكون اللحظة التي يسقط فيها الحكم وتبدأ رحلته الطويلة نحو المجهول.

الطفل، ذو الوجه البريء والعيون التي تلمع بدموع منكسرة، اقتيد خارج أسوار القصر، بينما والدته تصرخ باسمه من بين جدران حُصنت بالحديد والخيانة.

فُصل عنها، نُفي إلى بلاد بعيدة، إلى دير ناءٍ لا تصل إليه أخبار المملكة إلا همسًا. نشأ هناك بين الجدران الحجرية، يسمع الحكايات عن والده كأنها أساطير، حتى أصبح اسمه محفورًا في قلبه لا يمحوه الزمن ولا الغربة.

كل صباح كان يقف أمام المرآة، لا ليرى وجهه، بل ليتذكّر الشبه بينه وبين صور والده. كبر وهو يروي لنفسه القصة نفسها: “أنا لست يتيمًا فقط.. أنا ملك مسلوب”. لم تكن الطفولة بالنسبة له لعبًا، بل تدريبًا على الانتقام. تعلم الفروسية، علمته الرهبان الحكمة، لكن قلبه ظل نارًا لا تبرد. حين بلغ سن الرشد، لم يطلب شيئًا سوى أن يعود. لم تكن عودته سهلة، فالوطن كان بقبضة من سرق حياته، وما عاد الناس يثقون في الوعود.

تحت اسم مستعار، بدأ في التسلل إلى أذهان الناس، يتقرب من الجنود القدامى، من رجال أبيه المخلصين الذين عاشوا على الأمل. أسس نواة مقاومة صامتة، لا تتكلم كثيرًا، لكنها تضرب حيث لا يُتوقع. كانت البداية باغتيال خائن قديم، ثم إشعال مخازن الإمداد، ثم التسلل إلى قلوب القرويين المقهورين. كل قرية يمر بها، كانت تشتعل بالشجاعة بعد أن كانت رماد خوف.

في ليلة مقمرة، وصل خبر إلى القصر: “الولد عاد”. لم يصدق الحاكم، فقد ظن أن الزمن طمس كل شيء. لكن ذاكرة الدم لا تُمحى. حاول أن يُجهز حملة لسحقه، لكن الجيش كان قد بدأ في الانقسام، فهناك من لا يزال يذكر يوم أُسقِط الملك بالرصاص، وأُحرقت أمهات في القرى عقابًا على الولاء القديم.

تقدم الطفل الذي صار رجلاً في صمت، وعيناه تلتهمان الطريق نحو العاصمة. لم يدخلها بالمدافع، بل دخلها بالقلوب التي عادت تنبض باسم والده. كان الناس يفرشون له الأرض بالورود لا بالدم، فحين دخل باب المدينة، لم يكن غازيًا بل محررًا.

حين بلغ بوابة القصر، لم تكن هناك معركة، بل انهيار داخلي. خدم الطاغية فرّوا، الجنود انحنوا له دون أن يأمرهم. لم يرفع سيفًا، بل فتح الباب ودخل الغرفة التي قتل فيها والده. جلس على الأرض، وبكى لأول مرة منذ عشرين سنة.

في اليوم التالي، أقيم له حفل تتويج لا يُشبه أي عرش عرفته المملكة. العرش لم يعد ذهبًا ومراسم، بل صار وعدًا: “لن يُظلم أحد في حضرة الدم”. أصدر مرسومًا بالعفو، وأعاد منفى والدته التي ما زالت تنتظره في صمت امرأة أكلها الزمن.

كان في قصر الحكم الجديد مرايا تُعلّق فيها صور الملوك، لكنه اختار أن يُبقي صورة واحدة: والده. وتحتها كتب عبارة بخط يده: “كل عودة تبدأ بدمعة، وتنتهي بعدالة”.

ومنذ ذلك اليوم، لم يُعرف عن الملك العائد أنه سفّاح، بل قيل إنه "الملك الذي كاد يموت من أجل وطن لم يعرفه، فعاش ليمنحه ما لم يُعطَ له أبدًا: الحق في الحياة .

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك