مستقبل المغرب على كف عفريت..حين تتحول المدرسة إلى مصنع للعمالة الرخيصة

مستقبل المغرب على كف عفريت..حين تتحول المدرسة إلى مصنع للعمالة الرخيصة
تعليم / الثلاثاء 22 يوليو 2025 - 20:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: حمان ميقاتي/م.كندا

تعيش المنظومة التعليمية في المغرب تدهورًا ممنهجًا لا يمكن وصفه إلا بكونه "إجهازًا متعمدًا" على حق الأجيال القادمة في تعليم عمومي حقيقي وجاد. فبدل أن تُحَصِّن الدولة أبناءها ضد الجهل والأمية الرقمية، تنخرط الحكومة في مسلسل من القرارات التي تسعى لتحجيم التعليم وتقليص دوره الحيوي، وكأنها تُعِدّ جيلاً محدود الكفاءة لتلبية حاجيات سوق الشغل، لا لصناعة مجتمع المعرفة.

ما يثير الاستغراب أن هذا التوجه يأتي في وقتٍ يتسابق فيه العالم نحو الرقمنة والذكاء الاصطناعي والثورات التكنولوجية المتلاحقة، في حين تُصر الحكومة المغربية على تقديم شبابها كيدٍ عاملة رخيصة للشركات الأجنبية، دون أي مشروع وطني حقيقي لبناء تعليم يعادل تحديات المستقبل، بل بتقليص الاستثمار في التعليم العمومي والرفع من نسب الهدر المدرسي في الأحياء الفقيرة.

وزارة التربية الوطنية مطالبة اليوم بإعادة النظر في هذا التوجه الانتحاري، إذ لا يُعقل أن يُترك مصير التلاميذ بين مطرقة التكوين المهني المحدود وسندان تعليم هش لا يضمن حتى أساسيات التحليل والتفكير النقدي. إن رهان الدولة على "تكوين سريع لتشغيل سريع" قد يؤدي إلى خسارة أجيال كاملة في زمن لا يرحم غير المؤهلين معرفيًا وتقنيًا.

الأخطر من ذلك أن جودة التعليم لم تعد فقط تراجعًا على مستوى التلقين، بل أصبحت تضرُّ بالنسيج الداخلي للمجتمع المغربي، حيث تتسع الهوة بين من يُتاح لهم تعليم خاص راقٍ ومن يُزج بهم في أقسام مكتظة تفتقر إلى أبسط وسائل الإيضاح، ناهيك عن الاكتظاظ والخصاص المزمن في الأطر التربوية والتجهيزات.

في ظل هذا الواقع القاتم، يبقى التعليم هو طوق النجاة الوحيد أمام بلد يواجه مستقبلاً محفوفًا بالمخاطر الاجتماعية والاقتصادية. وإذا لم يتم التعامل مع هذا الملف باعتباره أولوية وطنية قصوى، فإن المغرب مقبل لا محالة على كوارث تنموية وأمنية لا تُحصى، لأن المدرسة التي لا تصنع الإنسان، تفتح الباب واسعًا أمام الفوضى والضياع.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك