صندوق محمد السادس للاستثمار..صندوق سيادي بدون محاسبة يتحوّل إلى دولة اقتصادية داخل الدولة

صندوق محمد السادس للاستثمار..صندوق سيادي بدون محاسبة يتحوّل إلى دولة اقتصادية داخل الدولة
اقتصاد / الأحد 23 نونبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

منذ الإعلان عن “صندوق محمد السادس للاستثمار” بوصفه الآلية الكبرى لإنقاذ الاقتصاد الوطني بعد جائحة كورونا، قدّمته الحكومة للرأي العام باعتباره “قاطرة الإقلاع الاقتصادي”.

لكن بعد مرور سنوات على إطلاقه، تزداد الأسئلة حول غياب الشفافية، وتداخل المصالح، وغياب أي تقييم رسمي لمصير عشرات المليارات التي رُصدت، له دون أن يلمس المواطن نتائج حقيقية على مستوى الشغل أو الاستثمار أو تحسين البنية الاقتصادية.

أموال عمومية دون أثر تنموي واضح

رُصدت للصندوق مبالغ ضخمة من المال العام، بعضها مباشر من ميزانية الدولة، وبعضها في شكل قروض ستتحمّلها الأجيال المقبلة.

ورغم هذا الحجم من التمويل، لا توجد أرقام دقيقة حول المشاريع التي موَّلها الصندوق، أو نسبة تقدمها، أو أثرها الفعلي في خلق فرص الشغل أو دعم الاقتصاد الحقيقي.

هذا الغموض يعطي الانطباع بأن الصندوق يشتغل خارج أي رقابة برلمانية حقيقية، في بلد تُراقَب فيه المؤسسات الصغيرة بينما المؤسسات الضخمة تشتغل بمنطق “الثقة المطلقة”.

هيمنة لوبيات مالية وشركات مقربة

المشاريع التي يُعلن عنها بين الفينة والأخرى تشير إلى توجه واضح نحو دعم شركات كبيرة أصلاً، أو مجموعات اقتصادية تملك نفوذاً واسعاً داخل الدولة، بدل منح الأولوية للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل أكثر من 90% من النسيج الاقتصادي الوطني.

ومع غياب الشفافية، أصبح الصندوق يُنظر إليه كأداة لتوجيه الاستثمار نحو مجموعات محددة، وخلق حاجز جديد بين المال العام والمواطنين والشركات الحقيقية المحتاجة للدعم.

صندوق خارج النقاش العمومي والسياسي

البرلمان بغرفتيه، لا يناقش الصندوق، الإعلام الرسمي لا يقترب منه، والتقارير المالية المفصلة غائبة تماماً.

هكذا يتحول صندوق ضخم من المفروض أن يكون محركاً للاقتصاد الوطني إلى “تجمع مالي مغلق”، لا يُحاسَب ولا يُسائل، ولا يخضع لمعايير الحكامة التي تفرضها مؤسسات الدولة نفسها على أصغر جمعية أو تعاونية.

دين عمومي يرتفع وصندوق يبتلع الموارد

في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن عجز الميزانية وضرورة “شدّ الحزام”، تتجه موارد ضخمة نحو الصندوق دون أثر ينعكس على حياة المغاربة.

فالدين العمومي يسجّل أرقاماً قياسية، والقطاعات الاجتماعية تنهار، لكن الصندوق يستمر في امتصاص التمويلات دون إعلان مشاريع استراتيجية تُحدث فرقاً ملموساً.

هل تحوّل إلى صندوق غير قابل للمساءلة؟

الخطر الأكبر هو تحوّل الصندوق إلى مؤسسة فوق الدولة، تُدار في الظل، وتتحكم في توجيه الاستثمار دون محاسبة، مما يخلق “اقتصاداً موازياً” داخل الاقتصاد الرسمي، اقتصاد قائم على السلطة لا على الشفافية، وعلى العلاقات لا على التخطيط.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك