أنتلجنسيا المغرب:أيوب الفاتيحي
في خطوة ذات أبعاد استراتيجية متعددة، أعلنت المملكة المغربية والمملكة المتحدة عن انطلاقة عهد جديد في علاقاتهما الثنائية، من خلال إبرام "شراكة استراتيجية معززة" تشمل قطاعات حيوية وواعدة، تؤسس لتعاون نوعي يتجاوز المألوف الدبلوماسي نحو مجالات الأمن، الاقتصاد، المناخ، والابتكار.
البيان المشترك، الذي صدر من الرباط عقب لقاء بين ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ونظيره البريطاني ديفيد لامي، لم يكتف بالتأكيد على عمق الروابط بين البلدين، بل قدم خارطة طريق شاملة لعلاقات ستطال مجالات التجارة والاستثمار والطاقة المتجددة والصحة والتعليم والتكنولوجيا والبحث العلمي، إلى جانب قضايا الأمن والدفاع وحقوق الإنسان.
وتعكس هذه الشراكة الاستراتيجية، التي تستند إلى أكثر من 800 عام من العلاقات التاريخية بين المملكتين، رغبة مشتركة في استثمار الرصيد الدبلوماسي القديم في تحالف عملي واستباقي، موجه لمواجهة تحديات عالمية كبرى مثل تغير المناخ، أزمات الطاقة، والأمن الإقليمي.
بريطانيا، التي تسعى إلى توسيع نطاق شراكاتها العالمية ما بعد "البريكست"، تجد في المغرب بوابة طبيعية نحو إفريقيا ومركزا لوجيستيكيا قادرا على جذب الاستثمار ونقل التكنولوجيا نحو القارة. أما الرباط، فتنظر إلى لندن كفاعل اقتصادي ودبلوماسي قادر على تعزيز تموقعها في السوق الدولية وتنويع شراكاتها الاستراتيجية خارج الدائرة التقليدية.
ويؤشر البيان على نية البلدين في تعزيز المبادلات التجارية وتوسيع قاعدة الاستثمارات البريطانية في المغرب، خصوصا في مجالات ذات إمكانيات نمو مرتفعة مثل الطاقات المتجددة، تحلية المياه، النقل، والخدمات المالية. كما من المنتظر أن يعرف التعاون الأكاديمي والعلمي دينامية جديدة، من خلال شراكات بين الجامعات ومراكز البحث في البلدين.
في ظل السياق العالمي المتغير، يشكل هذا التحول في العلاقات المغربية البريطانية خطوة ذكية نحو تحالفات اقتصادية ودبلوماسية أكثر توازنا، بعيدا عن الاصطفافات التقليدية، ويفتح الباب أمام فرص غير مسبوقة للابتكار المشترك والتعاون المتعدد الأبعاد، مما يعزز موقع المغرب كمنصة استراتيجية بين إفريقيا وأوروبا، ويرسخ حضور بريطانيا في فضاء جيوسياسي بالغ الأهمية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك