
أنتلجنسيا المغرب: أبو دعاء
في مشهد رمزي بليغ، يلمع العلم
المغربي فوق طائرة رابضة في مطار غواروليوس الدولي، أكبر مطارات أمريكا الجنوبية،
كأنه يعلن ميلاد جسر جديد بين القارتين الإفريقية والأمريكية. فبعد عشرة أشهر فقط
من استئناف الخط الجوي بين الدار البيضاء وساو باولو، حققت الخطوط الملكية
المغربية أرقاما قياسية، بنقل أكثر من خمسين ألف مسافر ومعدل ملء تجاوز ثمانين في
المائة، ما يعكس نجاح الرؤية التي جمعت بين الطموح التجاري والبعد الدبلوماسي.
واعتبارا من شهر دجنبر المقبل، ستنتقل
الشركة إلى وتيرة جديدة من الرحلات، إذ سترتفع من ثلاث إلى أربع أسبوعيا، مع خطة
للتوسع نحو ست رحلات في المدى المتوسط. ولا يقف الطموح عند هذا الحد، فبحلول عام
2037، تخطط الشركة لافتتاح خطوط نحو ريو دي جانيرو وبوينوس آيرس وليما، في إطار
استراتيجية تروم جعل الخطوط الملكية المغربية فاعلا عالميا بامتياز في قطاع النقل
الجوي، بأسطول متطور يضم مئتي طائرة ووجهات تتجاوز المائة والأربعين.
لكن الأرقام لا تروي وحدها قصة هذا
الربط الجوي المتنامي، بل تتجاوزها إلى بناء محور استراتيجي يجمع بين الاقتصاد
والسياحة والثقافة. فقد أكد رئيس الوكالة البرازيلية لتنمية السياحة الدولية أن
الرحلات المباشرة مع المغرب تمثل نقطة تحول حقيقية في العلاقات الثنائية، إذ تفتح
آفاقا جديدة للأعمال وتربط أسواق إفريقيا وأمريكا الجنوبية، فيما يقوم وفد من
الإعلاميين المغاربة بزيارة إلى ساو باولو لاكتشاف عمق هذه التجربة وتعزيز التبادل
الثقافي والسياحي بين البلدين.
ويبدو أن هذا الخط لم يعد مجرد جسر في
السماء، بل أصبح منصة للتقارب والتكامل بين عالمين يجتمعان على روح الانفتاح
والطموح. فالمغرب، بفضل موقعه الجغرافي وشبكة تحالفاته الدولية، يقدم للبرازيل
بوابة نحو إفريقيا وأوروبا، بينما تشكل ساو باولو للمغاربة عاصمة اقتصادية نابضة
بالحياة وفضاء جديدا للاستثمار والسياحة. ومع اقتراب استحقاقات كبرى كقمة المناخ
في البرازيل سنة 2025 وكأس العالم 2030 بالمغرب، يترسخ هذا الربط الجوي كرمز لعالم
تتقاطع فيه المصالح وتتوحّد فيه الآفاق نحو مستقبل أكثر توازنا وتواصلا بين الشعوب.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك