هل تحول "OCP" إلى قنبلة بيئية بالمغرب؟ دراسة صادمة تكشف علاقة التلوث بسرطان الرئة

هل تحول "OCP" إلى قنبلة بيئية بالمغرب؟ دراسة صادمة تكشف علاقة التلوث بسرطان الرئة
ديكريبتاج / الأحد 16 فبراير 2025 - 13:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر

في كشف علمي خطير، أكدت دراسة حديثة نُشرت في مجلة "لانسيت" المرموقة أن التلوث أصبح السبب الرئيسي في ارتفاع حالات سرطان الرئة، خاصة لدى غير المدخنين.

هذه النتائج، التي جاءت بعد أبحاث معمقة أجرتها الوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC)، تشير إلى أن التلوث مسؤول عن 53٪ إلى 70٪ من حالات سرطان الرئة المسجلة عالميًا، وهو ما يعكس خطورة الأزمة البيئية التي تهدد الصحة العامة.

وأوضحت الدراسة أن عام 2022 شهد ارتباط حوالي 200 ألف حالة من سرطان الرئة بالتلوث الجوي، مما يجعله أحد العوامل الرئيسية المسببة لهذا المرض الفتاك.

هذه الأرقام المقلقة أثارت الجدل حول دور الشركات الصناعية الكبرى في زيادة الانبعاثات السامة، خصوصًا تلك التي تعمل في قطاع الفوسفاط والصناعات الكيميائية.

المكتب الشريف للفوسفاط في مرمى الاتهامات.. مصدر رئيسي للانبعاثات السامة؟

في المغرب، تتجه أصابع الاتهام نحو المكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، خصوصًا مصنعه الضخم في مدينة آسفي، حيث يُعتقد أنه من أكبر المصادر للانبعاثات الغازية السامة في المنطقة. فالمجمع الصناعي، الذي يُعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد المغربي، يواجه اتهامات متزايدة من الفاعلين البيئيين والجمعيات الحقوقية بسبب ما يصفونه بـ"التلوث المفرط"، والذي قد يكون سببًا في ارتفاع حالات الإصابة بسرطان الرئة في المدينة وضواحيها.

كيف تؤثر انبعاثات OCP على الصحة العامة؟

يعتمد المكتب الشريف للفوسفاط على عمليات معالجة وإنتاج كيميائية معقدة تشمل:

إنتاج الأسمدة الفوسفاتية باستخدام حمض الكبريتيك وحمض الفوسفوريك، مما يؤدي إلى انبعاث أكاسيد الكبريت والنيتروجين.

إنتاج الفوسفوجيبس، وهو منتج ثانوي يتم التخلص منه غالبًا في البحار، ما يسبب تلوثًا بحريًا خطيرًا.

حرق المواد الكيميائية في الأفران الصناعية، مما يؤدي إلى انبعاث جسيمات دقيقة يمكن أن تدخل مباشرة إلى الرئتين وتسبب أمراضًا تنفسية حادة ومزمنة.

آسفي.. مدينة تختنق وسط سحابة من الملوثات

لطالما كانت مدينة آسفي واحدة من أكثر المدن المغربية تضررًا من التلوث الصناعي. فالسكان يتحدثون عن روائح خانقة تغطي الأحياء القريبة من المصانع، وعن ارتفاع غير مسبوق في الأمراض التنفسية والحساسية بين الأطفال وكبار السن. التقارير المحلية تشير إلى أن نسبة الأمراض السرطانية في آسفي أعلى مقارنة بباقي مدن المغرب، وهو ما يعزز الشكوك حول دور المجمع الصناعي في هذه الأزمة الصحية.

أين دور الحكومة في مراقبة التلوث الصناعي؟

رغم القوانين البيئية التي تُلزم الشركات الصناعية الكبرى بتقليل انبعاثاتها الضارة، إلا أن الرقابة البيئية في المغرب ما زالت تواجه تحديات كبرى، أبرزها:

ضعف المراقبة المستقلة للانبعاثات الصناعية، حيث تعتمد التقارير غالبًا على المعطيات التي تقدمها الشركات نفسها.

غياب سياسات صارمة تلزم المصانع باعتماد تقنيات متطورة لتقليل الملوثات.

تأثير المصالح الاقتصادية والسياسية، حيث يُعتبر المكتب الشريف للفوسفاط أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، مما يجعله محصنًا من بعض الضغوط البيئية.

هل توجد حلول لتقليل المخاطر الصحية؟

في مواجهة هذه الأزمة البيئية والصحية، يقترح الخبراء عدة حلول للحد من آثار التلوث الصناعي:

تحديث أنظمة المعالجة الصناعية عبر استخدام تقنيات حديثة لتصفية الغازات وتقليل الانبعاثات.

تعزيز الرقابة البيئية المستقلة عبر إلزام المصانع بتقديم بيانات شفافة حول مستويات التلوث.

إطلاق دراسات وبحوث ميدانية مستقلة لقياس التأثير الفعلي للانبعاثات على صحة السكان.

تعويض المتضررين صحيًا من قبل الشركات الصناعية في حال ثبوت علاقتها بالأمراض التنفسية والسرطانية.

هل يستمر التصعيد ضد المكتب الشريف للفوسفاط؟

يبدو أن النقاش حول تأثير المجمعات الصناعية، وخاصة المكتب الشريف للفوسفاط في آسفي، سيزداد حدة في الفترة المقبلة، خاصة بعد نشر الدراسة الأخيرة التي تربط التلوث مباشرة بارتفاع حالات سرطان الرئة. وفي ظل استمرار الضغط الشعبي والحقوقي، قد يكون المكتب الشريف للفوسفاط مضطرًا لاتخاذ خطوات عاجلة لتقليل تأثيره البيئي، وإلا فإنه سيواجه موجة من الانتقادات والمطالبات الدولية باتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاهه.

ويبقى السؤال الأهم: هل سيكون لصوت المتضررين في آسفي صدى في دوائر القرار؟ أم أن المصالح الاقتصادية ستظل تُغطي على معاناة سكان المدينة؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك