
أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/م.إيطاليا
شهدت مدينة ميلانو الإيطالية حدثًا
فريدًا مساء الأربعاء 30 يوليو 2025، حيث حولت القنصلية العامة المغربية أحد
الفنادق الذي إحتضن تنظيم الحفل ساحة للبهجة الوطنية، بمناسبة تخليد الذكرى
السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك "محمد السادس" على عرش
أسلافه المنعمين.
لم يكن الحفل مجرد طقس "بروتوكولي
روتيني"، بل كان تظاهرة دبلوماسية وإنسانية وثقافية بامتياز، جمعت وجوهًا من
مختلف بقاع الأرض تحت مظلة الاحترام العميق للمغرب ومكانته المتصاعدة في العالم.
الحفل الذي قاده القنصل العام السيد "محمد الأكحل"، بحضور "حرمه المصون" ومسؤولي البعثة القنصلية، تميز بتنوع الضيوف وعلو شأنهم، فقد حضرت شخصيات دبلوماسية وازنة من دول عربية وأوروبية وإفريقية وأسيوية...، وراهبات المعابد والكنائس، وأيضا شخصيات عسكرية ومدنية إيطالية مرموقة ببدلاتها الرسمية، لتقديم التهاني باسم الجمهورية الإيطالية، تعبيرًا عن صداقة راسخة لا تنحني لرياح السياسة أو الزمن.
الوفود العسكرية الإيطالية قدمت تحياتها للسيد القنصل بكلمات واثقة، تُجسد الاحترام الكبير الذي تكنه إيطاليا للمغرب، ولقائده الملك "محمد السادس"، حيث وُصفت العلاقات بين البلدين بـ"النموذجية" في الاستقرار والتعاون، ولم تكن هذه المجاملة دبلوماسية سطحية، بل كانت عميقة تُعبّر عن مئات السنين من الشراكة والثقة المتبادلة.
الجالية المغربية كانت بدورها في الموعد، وقد أبهرت الحضور بلباسها التقليدي المغربي من قفاطين وسلهام وطرز فاسي رباطي سلاوي...، لتؤكد من جديد أن الوطنية ليست محصورة بالتراب، بل تسري في الدم، وتنبض في كل خطوة في الغربة، وحين تسمع كلمة "العرش"، تردد "الله الوطن الملك" بكل افتخار.
استقبال القنصل للوفود كان بقدر كبير من الدفء والرقي، حيث وقف السيد "محمد الأكحل" وعقيلته ومسؤول بالقنصلية، لتحية جميع الضيوف بدون إستثناء واحدًا تلو الآخر، ملتقطًا صورًا تذكارية معهم أمام لوحات العلم المغربي وصور الملك، ليبقى هذا اليوم موثقًا في الذاكرة الجماعية، وفي أرشيف الدبلوماسية الوطنية.
وبعد لحظات ترقب وتأمل، علا صوت النشيد الوطني المغربي، الاحتفال تحوّل من مناسبة رسمية إلى لحظة وجدانية، حيث لم تتمالك بعض النساء المغربيات دموعهن عند عزف النشيد الوطني، وتكرار عبارات "الله الوطن الملك"، في لحظة امتزج فيها البعد الإنساني بالوطني، في مغرب لا يُنسى حتى لو ابتعدت المسافات، تلته أنغام النشيد الإيطالي، في لحظة اختلطت فيها الرموز والأعلام الوطنية للبلدين الصديقين، لكنها عبّرت عن معاني كبرى من التعاون والسلام والمحبة بين الشعوب، ثم ألقى السيد القنصل العام بميلانو "محمد الأكحل" كلمته الرسمية التي كانت شاملة، قوية، ونابعة من القلب.
كلمة "محمد الأكحل" لم تكن "بروتوكولية"
جافة، بل احتوت رسائل سياسية وإنسانية رفيعة، حيث تحدث عن المسيرة المتألقة للمغرب
تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك "محمد السادس"، مشيرًا إلى التحولات
الاقتصادية العميقة التي جعلت من المغرب بوابة إفريقيا، وشريكًا استراتيجيًا لقوى
العالم الكبرى.
توقف القنصل عند الإنجازات الكبرى في
الفلاحة، والصناعة، والطاقات المتجددة، والموانئ، والبنى التحتية، مع التأكيد على
أن هذه النهضة الشاملة ما كانت لتتحقق لولا الرؤية الملكية التي جمعت بين الحداثة
والأصالة، وبين الواقعية والطموح الاستراتيجي.
لم يغفل القنصل دور الجالية المغربية
في الخارج، إذ وجّه لها شكرًا خاصًا، معربًا عن اعتزازه بالدور الذي تلعبه في نقل
الصورة الحقيقية عن المغرب، مشددًا على أن القنصلية ليست مجرد إدارة، بل بيت لكل
مغربي ومغربية، بتوجيه ملكي مباشر.
الفقرة الفنية للحفل بدأت بعرض شريط
وثائقي رفيع الجودة، استعرض بالصور والخرائط والمناظر الجوية الطفرة التنموية
بالمغرب، من ميناء طنجة المتوسط إلى الحقول الخضراء في دكالة، ومن الطرق السيارة
العصرية إلى المصانع الحديثة، مما جعل الحاضرين يُبدون إعجابًا مندهشًا.
لم يكن الحفل مكتفيًا بالعرض البصري، بل مرّ إلى الذوق والشم والبصر، حيث دُعي الضيوف إلى مائدة مغربية راقية، بأطباق من عمق التراث، بدأ بـ"الكسكس المغربي الملكي"، وتبعه "الرفيسة و البسطيلة..."، مع تشكيلة من الحلويات المغربية الفاخرة، وسط انبهار كل المشاركين من دول أخرى جاءت لتشارك المغاربة هذا الحفل، مشيدين بهذا الغنى المطبخي المغربي الفريد.
التراث الموسيقي كان حاضرًا بقوة، من خلال فرقة مغربية شعبية قدمت لوحات غنائية تمزج بين الأطلسي، والريفي، والعربي، والصحراوي، وهو ما أدهش الدبلوماسيين الأجانب الذين لم يصدقوا حجم التنوع الثقافي الذي تزخر به المملكة المغربية الشريفة.
المشاركون من الدول الأجنبية غادروا المكان وهم مشبعون بصورة جديدة عن المغرب، بلد الأصالة والكرم، بلد يجمع بين الملكية العريقة والانفتاح العالمي، بلد يستطيع أن يحتفل بعيد عرشه في "ميلانو إيطاليا" وكأنه يحتفل به في الرباط أو فاس أو مراكش...، هذا الاحتفال الضخم أكد أن المغرب حاضر في كل العواصم، ليس فقط بسفرائه وقناصله، بل أيضًا بجاليته، وبحضارته، وبقائده الذي جعل من الوطنية قيمة تُمارَس وليس شعارًا يُرفع فقط في المناسبات.
ومن بين اللحظات المؤثرة، كان تصريح
خاص في ختام الحفل من السيد القنصل لجريدة "أنتلجنسيا المغرب"، حيث جدّد
ولاءه التام لجلالة الملك "محمد السادس"، مؤكدًا أن القنصلية تسير
بتوجيهاته السامية، وبأن الجالية المغربية تحظى باهتمام دائم، وهي شريك فاعل في
تنمية الوطن من الخارج.
أكد القنصل أن المملكة المغربية تسير
نحو المستقبل بثقة وثبات، بفضل الحكمة الملكية واللحمة الشعبية، مشيرًا إلى أن حب
المغاربة لملكهم يتجدد في كل مكان، وأن عرش المملكة ليس مجرد رمز، بل قلب نابض
بوطن عريق يستشرف المستقبل.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك