
بقلم: ياسين حدوي
في عالم
تتقاذفه الخطابات السياسية والشعارات الرنانة، تبرز أسماء قليلة تجعل من القرب من
المواطن نهج يومي، ومن العمل الميداني اسلوب حياة، ومن السياسة التزام انساني قبل
أن تكون موقع اداري او سلطة تنفيذية. من بين هذه الأسماء التي اثبتت حضورها بثقة
وثبات، تبرز السيدة فتيحة جلال، نائبة رئيس جماعة الشلالات ونائبة رئيس مجلس عمالة
المحمدية، كواحدة من النساء اللواتي امنّ بأن الفعل السياسي الحقيقي هو ذاك الذي
يترجم الى مبادرات ملموسة على ارض الواقع، لا الى وعود مؤجلة او شعارات عابرة.
بملامح هادئة وارادة صلبة، استطاعت ان تصنع لنفسها مكانة مميزة في المشهد المحلي،
ليس من خلال الظهور الاعلامي او الترويج الخطابي، بل من خلال الميدان والاحتكاك
المباشر بالمواطنين.
من يعرف
السيدة فتيحة جلال عن قرب يدرك انها من النساء اللاتي لا يتركن المواطن ينتظر
طويلا في المكاتب، فهي تستقبل الناس في مقر الجماعة او في الشارع او حتى في
الانشطة الاجتماعية بنفس الروح التي تميزها: روح المرأة المناضلة التي تعتبر ان
خدمة المواطن مسؤولية مقدسة وليست ترفا اداريا. هي لا تفرق بين الكبير والصغير،
ولا بين الرجل والمرأة، فكل من طرق بابها يجد اذنا صاغية وقلبا متفهما وارادة
حقيقية لايجاد الحلول الممكنة.
تقول السيدة
فتيحة جلال في حديثها معنا:
"قربنا
من الناس هو اساس عملنا اليومي، لان السياسة في جوهرها ليست حوارا عن السلطة، بل
التزاما تجاه من وضعوا ثقتهم فينا. ان الاصغاء الى مشاكل المواطنين هو البداية
الحقيقية لاي تنمية محلية ناجحة."
هذا التصور
العملي للسياسة جعلها تحظى باحترام واسع داخل جماعة الشلالات وخارجها، حيث تعرف
بجديتها في العمل وبتعاملها الانساني الرفيع مع المواطنين وزملائها في المجلس. فهي
لا تنتمي الى مدرسة الشعارات، بل الى مدرسة النتائج، ولا تؤمن بالقرارات الفوقية،
بل بالمشاركة الجماعية والتخطيط القاعدي الذي ينطلق من هموم الناس واحتياجاتهم
الواقعية. وترى السيدة فتيحة جلال ان المسؤولية الحقيقية لا تقاس بعدد الملفات
المنجزة، بل بمدى شعور المواطن ان صوته مسموع، وان الجماعة فضاء مفتوح امام
الجميع. هذه الرؤية الانسانية جعلتها تؤمن بان التنمية المحلية ليست مسالة مشاريع
مادية فقط، بل ثقافة تبنى على الثقة وعلى اشراك الجميع في اتخاذ القرار، بدءا من
المواطن البسيط الى الفاعل المدني والمؤسسة العمومية.
وفي هذا
الاطار تقول:
"نحن في
مرحلة تحتاج الى روح الفريق وتكامل الادوار بين الجماعات والمجتمع المدني والمصالح
الخارجية للدولة. التنمية لا يمكن ان تتحقق بقرارات فوقية، بل بمقاربة تشاركية يكون
فيها المواطن محور لا متفرج" .
ومن موقعها
داخل مجلس عمالة المحمدية، تسعى السيدة فتيحة جلال الى الدفع نحو مقاربة جديدة في
تدبير الشأن العام، مقاربة قائمة على الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، وعلى
اشراك المجتمع المدني في بلورة التصورات المحلية، وتعزيز التعاون بين مختلف
المصالح من اجل تحقيق نجاعة تنموية حقيقية.
فهي تؤمن بان
المغرب يعيش مرحلة مفصلية تتطلب مسؤولين من طينة خاصة، مسؤولين يفكرون بمنطق
الجماعة لا الفرد، وبروح الخدمة لا السلطة. ان ما يميز فتيحة جلال ليس فقط حضورها
السياسي اللافت، بل ايضا رزانتها وصدقها الانساني، فهي لا تسعى وراء الاضواء ولا
المناصب، بل وراء النجاعة والنتائج. لذلك اصبحت تحظى بتقدير واسع داخل اوساط السكان
التي ترى فيها نموذجا للمنتخب القريب من الناس، البعيد عن الحسابات الضيقة، والذي
يجعل من القرب الانساني فلسفة عمل يومي.
تقول بابتسامة
تعبر عن ثقة ورضا:
"اطمح الى ان ارى المواطن يشعر ان الجماعة
بيته، وان المنتخب هو صوته الحقيقي. عندما نصل الى هذه القناعة، نكون قد وضعنا
لبنة حقيقية لمغرب متوازن وعادل وانساني" .
رؤية السيدة
فتيحة جلال للمستقبل واضحة ومبنية على اسس عملية، فهي تضع في صلب اهتماماتها تطوير
البنيات التحتية الاساسية لجماعة الشلالات، وعلى رأسها التعليم والصحة والنقل، الى
جانب دعم المشاريع المدرة للدخل لفائدة النساء والشباب، وتؤمن بان التنمية
الحقيقية لا تتحقق الا عندما تترجم الوعود الى مشاريع ملموسة تلامس حياة المواطن
اليومية. بالنسبة لها، لا معنى لاي مشروع تنموي اذا لم ينعكس على حياة الناس، واذا
لم يسهم في خلق فرص الشغل وتحسين ظروف العيش الكريم.
وهي ترى ان
نجاح اي مجلس جماعي يقاس بقدرته على الموازنة بين تطلعات السكان واكراهات الواقع،
وبمدى حفاظه على الثقة التي منحها له المواطنون. بهذه الرؤية الواقعية والانسانية،
وباسلوبها الهادئ وثباتها في الميدان، اصبحت فتيحة جلال تمثل نموذجا للمرأة
المغربية الجديدة: امرأة تؤمن بان القيادة ليست سلطة، بل مسؤولية، وان السياسة
ليست منصة للظهور، بل مساحة للعطاء. هي نموذج للمنتخب الذي يشتغل بصمت، والذي يترك
اثره في النفوس قبل ان يدون اسمه في التقارير، لانها ببساطة جعلت من القرب من
المواطن عقيدة عمل، ومن الاصغاء الى الناس طريقا لبناء تنمية متوازنة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك