أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
ضربت منظمتا "Public Eye" و"Unearthed" الطاولة بقوة، بعدما نشرتا تقريراً صادماً حول تضاعف تجارة المبيدات الأوروبية المحظورة، حيث ورد اسم المغرب بشكل واضح ضمن أكبر المستوردين في القارة الإفريقية.
التقرير المذكور، كشف عن تجارة مسمومة تُشحن من موانئ أوروبا، نحو بلدان تقبل ما تخلّص منه الأوروبيون حمايةً لمواطنيهم.
الدولة تعرف وتصمت
المفارقة المغربية لا تحتمل كثيراً من التحليل التقني، فالجميع يعرف أن هذه المبيدات محظورة، مسرطنة، ومثبتة خطورتها علمياً، حيث أن الأوروبييين جرّموا استعمالها داخل حدودهم.
لكن الطريق إلى المغرب بقي مفتوحاً بلا حسيب ولا رقيب، فما الذي يجعل دولة تدّعي حماية “الأمن الصحي” تقبل بدخول مواد تقتل بصمت؟ ولماذا لا يظهر أي مسؤول ليعطي كلمة واحدة للرأي العام؟
أوروبا تحمي شعبها وتصدر الخطر
الفضيحة ليست أوروبية فقط، فهي عالمية، أوروبا منعت استعمال هذه المبيدات داخل حدودها، لأنها توصّلت، بعد عقود من الأبحاث، إلى أنها مدمّرة للصحة والبيئة.
لكن الشركات الأوروبية واصلت تصنيعها وتصديرها إلى دول مثل المغرب، في نموذج فجّ لاقتصاد استعماري جديد، حيث حماية المواطن الأوروبي أولاً ثم إرسال الخطر إلى الآخرين.
السؤال الحقيقي:من سمح في المغرب بإدخال السموم؟
كل الأصابع تشير إلى سؤال واحد، من الذي فتح الباب لهذه السموم؟ من الذي يسمح بمرورها عبر الموانئ.
ومن يوقع على وثائق دخولها، ومن يغضّ الطرف عن انتشارها في الأسواق والحقول؟ وكيف تختفي الأصوات العلمية فجأة عندما يتعلق الأمر بصحة ملايين المغاربة؟
رقابة تتحرك في الهامش وتصمت عن القاتل
لا أحد يفهم كيف تتحرك أجهزة الرقابة بسرعة خرافية في ملفات صغيرة وهامشية، بينما تلوذ بالصمت أمام موادّ وصفها الأوروبيون رسمياً بأنها “قاتلة ببطء”.
هل هي مصالح اقتصادية؟ لوبيات تجارية؟ أم ببساطة تواطؤ دولة؟ الأسئلة أكبر من أن تُطرح، وأخطر من أن تُترك بلا جواب.
المغرب على قائمة أكبر المستوردين
وجود المغرب ضمن أكبر مستوردي هذه المبيدات في إفريقيا ليس مجرد رقم في تقرير دولي؛ هو ناقوس خطر يعلن أن الخطر لم يعد احتمالاً بل واقعاً.
فبلد يفتخر باستراتيجيات خضراء وابتكارات فلاحية، لا يمكنه أن يبرّر استقبال موادّ تمنعها أوروبا حتى داخل الحدائق العامة.
من يحمي صحة المغاربة؟
لم يعد ممكناً إخفاء الشمس بالغربال، ففضيحة المبيدات المحظورة تضع الدولة، الحكومة، ووزارة الفلاحة تحت المساءلة المباشرة، فالصحة ليست مجالاً للتجارب، ولا ساحة لتصفية الحسابات التجارية.
السؤال الملح اليوم لم يعد، لماذا فعلت أوروبا ما فعلت؟ السؤال هو:لماذا قبل المغرب أن يكون مكبّاً لسمومها؟
القصة لم تنتهِ بعد وما سيأتي أخطر.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك