أنتلجنسيا المغرب:أحمد الهيلالي
في سابقة أثارت الكثير من الجدل، كشفت وزارة الداخلية المغربية عن شروعها في اتخاذ تدابير حازمة تجاه ما وصفته بـ"الاستغلال غير القانوني" لبعض الفضاءات السكنية بمدينة الدار البيضاء، حيث تم تحويل شقق إلى أماكن عبادة دون ترخيص، ما شكل مصدر قلق للمصالح الأمنية والمحلية، وأثار ردود فعل واسعة من طرف الرأي العام ونواب الأمة.
تحقيق ميداني ورد فعل رسمي
في جواب كتابي على سؤال برلماني، أكد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أن السلطات المحلية باشرت تحريات ميدانية دقيقة إثر ما تم تداوله إعلاميا وحقوقيا بخصوص ظهور فضاءات غير مرخصة لإقامة الشعائر الدينية، خصوصًا في أحياء سكنية تضم مهاجرين أفارقة وآسيويين.
وقد قامت لجان محلية مختصة بزيارات ميدانية لعدد من الشقق المشتبه في استغلالها كمرافق دينية سرية، حيث جرى التواصل مع المستغلين، ومطالبتهم بالامتثال للقانون.
بين حرية المعتقد واحترام القانون
الوزارة شددت على أن التحرك لا يستهدف حرية المعتقد أو ممارسة الشعائر الدينية، بل يسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين الحق في ممارسة الشعائر وضمان احترام القوانين المنظمة للبناء واستعمال العقارات، بما يحفظ الأمن العام، ويمنع استغلال الفضاءات السكنية في أغراض مخالفة لعقود الكراء أو القوانين الحضرية.
تدابير قانونية وتواصل مع المهاجرين
ضمن التدخلات، تم إخطار ملاك ومكتري الشقق المعنية بعدم قانونية تحويل الملكية العقارية إلى مكان عبادة دون ترخيص رسمي، كما تم تحذيرهم من العواقب القانونية لذلك، بما في ذلك احتمال فسخ عقود الإيجار أو المتابعة القضائية.
وشملت الإجراءات التواصل مع أفراد الجالية الأجنبية ممن تورطوا في تنظيم هذه الأنشطة، وذلك لتوعيتهم بمخاطر التجمعات الدينية غير المهيكلة، وضرورة احترام الإطار القانوني المغربي في هذا الصدد.
جدل شعبي ونقاش برلماني
يأتي هذا التحرك في سياق جدل أثير خلال الأشهر الماضية حول ظهور دور عبادة وشعائر سرية في بعض أحياء الدار البيضاء الكبرى، خاصة في مناطق مثل الحي المحمدي وسيدي مومن وعين الشق، حيث تبيّن أن بعض التجمعات كانت تنظم خارج أي تأطير رسمي.
وأمام هذا الوضع، بادر نواب برلمانيون إلى مطالبة وزارة الداخلية بتوضيحات مستعجلة وإجراءات لحماية أمن المواطنين وتفادي الفوضى التنظيمية.
تهديدات محتملة وسياق أمني خاص
يرى مراقبون أن السماح بنشوء أماكن عبادة غير خاضعة للمراقبة قد يشكل تهديدًا محتملًا، ليس فقط من حيث السلامة والأمن، بل أيضا من حيث احتمال استغلالها لأغراض مشبوهة أو نشر خطابات متطرفة.
ولذلك، تُعد التحركات الحالية جزءًا من سياسة استباقية تهدف إلى ضبط المجال الديني، والحفاظ على المرجعية الدينية الوسطية الرسمية للمغرب، المعروفة بالاعتدال والانفتاح.
يقظة مؤسساتية ورسالة للمستغلين
التحقيقات والتحركات الأخيرة تؤكد أن السلطات المغربية لا تتساهل مع خرق القانون في المجال الديني، خصوصًا حين يتعلق الأمر بفضاءات غير مرخصة قد تُستخدم بشكل غير مسؤول.
وفي الوقت ذاته، تبعث هذه الإجراءات برسالة واضحة مفادها أن حرية ممارسة الشعائر الدينية مضمونة دستورياً، لكنها لا تعني تجاوز الإطار القانوني الذي ينظم استعمال الفضاءات العقارية ويضمن الأمن الجماعي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك