معجزة الجنوب.. أولمبيك الدشيرة يصعد إلى القسم الأول

معجزة الجنوب.. أولمبيك الدشيرة يصعد إلى القسم الأول
رياضة / السبت 31 مايو 2025 - 12:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:للا الياقوت

في ليلة ستظل محفورة في ذاكرة عشاق كرة القدم المغربية، حقق فريق أدرار سوس الدشيرة (المعروف اختصارا بـأولمبيك الدشيرة) إنجازًا استثنائيًا بصعوده التاريخي إلى القسم الأول من البطولة الاحترافية المغربية "إنوي"، بعد فوزه الحاسم مساء الجمعة 30 ماي 2025، على مضيفه شباب حد السوالم بهدفين نظيفين.

انتصار لم يكن مجرد ثلاث نقاط، بل كان تتويجًا لمسيرة شاقة، ومجهود جماعي تخللته سنوات من العمل الدؤوب، وحلم ظل يراود أهل الدشيرة وكل أنصار الفريق منذ تأسيسه.

المباراة، التي جرت في أجواء نارية بملعب حد السوالم، أبان فيها لاعبو الدشيرة عن قتالية عالية، وانضباط تكتيكي كبير، عكس مدى تركيزهم وإصرارهم على حسم بطاقة الصعود قبل الجولة الأخيرة من البطولة. منذ الدقائق الأولى، بدا واضحًا أن الفريق السوسي حضر بعقلية المنتصر، إذ سيطر على وسط الميدان، وبادر بالهجوم، قبل أن يترجم هيمنته إلى هدف أول أربك حسابات الخصم. ومع اقتراب المباراة من نهايتها، عزز الفريق تقدمه بهدف ثانٍ أنهى كل آمال حد السوالم، وأشعل فرحة هستيرية بين الجماهير التي رافقت الفريق، وبين الآلاف الذين تابعوا اللقاء من الدشيرة وسوس والجنوب المغربي عموما.

ما يجعل هذا الصعود أكثر إثارة، ليس فقط كونه الأول في تاريخ النادي، ولكن السياق الذي جاء فيه. اتحاد الدشيرة لم يكن من الفرق التي تصنف ضمن المرشحين الأوائل للعب الأدوار الطلائعية بداية الموسم، بل إن تشكيلته تضم أسماءً شابة ومحلية، ورصيده المالي محدود مقارنة بفرق أخرى. لكن سرّ النجاح كان في الاستقرار التقني، والتسيير الحكيم، والانضباط الجماعي، وروح القميص. المدرب الشاب للفريق، الذي راهن عليه كثيرون رغم قلة تجربته في القسم الاحترافي، عرف كيف يوظف إمكانيات لاعبيه، ويبني فريقًا متماسكًا يشتغل بروح العائلة، ويتطور من جولة لأخرى، حتى صار رقما صعبا في البطولة.


صعود اتحاد الدشيرة هو أيضًا انتصار لمدينة صغيرة بحجم كبير من الطموح، ولجماهير لم تتخلّ يوما عن ناديها، وساندته في كل الظروف، وظلت تحلم بأن ترى راية مدينتها ترفرف بين الكبار. هي لحظة انتصار للجنوب المغربي الذي لطالما عانى من التهميش الرياضي، ويأتي اليوم ليحجز له مقعدًا مشرّفًا في قسم الأضواء، بجانب فرق كبرى من أمثال الوداد والرجاء والجيش الملكي ونهضة بركان.


هذا الإنجاز سيفتح صفحة جديدة في تاريخ اتحاد الدشيرة، وسيطرح تحديات أكبر في المستقبل القريب، خاصة ما يتعلق بتعزيز التركيبة البشرية، وتحسين البنية التحتية، والاستعداد لمنافسة الكبار. لكن ما لا شك فيه، هو أن الفريق كسب احترام الجميع، وأثبت أن كرة القدم ليست حكرًا على الأسماء اللامعة، بل لعبة تؤمن بالاجتهاد، والإصرار، والحلم.


وهكذا، بصافرة نهاية مباراة الجمعة، لم يكن الفريق فقط يحتفل بصعوده، بل كانت مدينة الدشيرة كلها تنبض بالفخر، وكانت سوس تبتسم من القلب، وكان المغرب بأكمله يشهد على واحدة من أجمل حكايات الصعود في تاريخ البطولة الاحترافية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك