سباق التسلح العالمي يخرج عن السيطرة والعالم يسلّح نفسه على إيقاع حرب كونية محتملة

سباق التسلح العالمي يخرج عن السيطرة والعالم يسلّح نفسه على إيقاع حرب كونية محتملة
شؤون أمنية وعسكرية / السبت 27 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا:ياسر اروين

تشهد المنظومة الدولية تسارعاً غير مسبوق في سباق التسلح، أعاد إلى الواجهة منطق الردع والقوة العسكرية بوصفه الأداة الأساسية لحماية المصالح، على حساب الدبلوماسية والتسويات السياسية.

فلم يعد التسلح حكراً على القوى الكبرى، بل تحوّل إلى سلوك شبه جماعي يشمل دولاً نامية، وأخرى تعاني أزمات اقتصادية واجتماعية حادة، ما يعكس تحوّلاً خطيراً في أولويات الدول ومخاوفها الوجودية.

إنفاق عسكري قياسي بلا سقف

تكشف الأرقام المتداولة حول الإنفاق العسكري العالمي منحى تصاعدياً مقلقاً، حيث تتسابق الدول على تحديث ترساناتها، وشراء أنظمة تسليح متطورة، وتوسيع قدراتها الدفاعية والهجومية.

هذا الارتفاع لا يرتبط فقط بنزاعات قائمة، بل أيضاً بهاجس الاستعداد لحروب محتملة، ما يجعل التسلح غاية في حد ذاته، لا مجرد وسيلة ردع.

التكنولوجيا تحوّل الحرب إلى مشروع دائم

لم يعد سباق التسلح محصوراً في الدبابات والطائرات، بل امتد إلى مجالات الذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيّرة، والحرب السيبرانية، والأسلحة الفرط صوتية.

هذا التطور التكنولوجي السريع خفّض كلفة الدخول في النزاعات، ورفع في المقابل من مستوى الدمار المحتمل، ما جعل شبح الحرب أكثر قرباً وأقل كلفة سياسياً لبعض الأطراف.

تعدد بؤر التوتر وتداخل الصراعات

من أوروبا الشرقية إلى الشرق الأوسط، ومن بحر الصين إلى إفريقيا، تتكاثر بؤر التوتر وتتداخل التحالفات العسكرية، في مشهد دولي شديد الهشاشة.

هذا التشابك يرفع من مخاطر الانزلاق غير المحسوب نحو مواجهة واسعة، حيث قد يتحول نزاع إقليمي محدود إلى صراع عالمي بفعل التحالفات والالتزامات العسكرية المتبادلة.

الدول الصغيرة تدخل السباق قسراً

اللافت أن سباق التسلح لم يعد خياراً استراتيجياً للقوى الكبرى فقط، بل أصبح واقعاً مفروضاً على دول صغيرة ومتوسطة، تجد نفسها مضطرة لتعزيز قدراتها العسكرية خوفاً من الاختلالات الإقليمية أو من ضغوط الجوار.

هذا الواقع، يساهم بشكل كبير، في تعميم منطق العسكرة، ويُفرغ مفاهيم الأمن الجماعي من مضمونها.

العالم أمام مفترق طرق خطير

يضع هذا التسارع المحموم في التسلح، العالم أمام مفترق طرق حاسم، إما إعادة إحياء آليات ضبط التسلح، وبناء الثقة، وتعزيز القانون الدولي، أو الاستمرار في منحدر عسكرة العلاقات الدولية، بما يحمله من مخاطر حقيقية لاندلاع حرب كونية قد لا تشبه سابقاتها، من حيث الحجم ولا من حيث الكلفة البشرية والحضارية.

ففي ظل هذا المشهد، يبدو أن سباق التسلح لم يعد مجرد مؤشر على التوتر، بل إنذاراً مفتوحاً بأن العالم يسير بخطى متسارعة نحو لحظة انفجار قد لا تنفع معها لغة الندم.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك