الحذاء المبلل..القاتل الصامت الذي يتسلل إلى أقدام المغاربة دون إنذار

الحذاء المبلل..القاتل الصامت الذي يتسلل إلى أقدام المغاربة دون إنذار
صحة / الأربعاء 02 يوليو 2025 - 10:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:الرباط

تغيب عن بال الكثيرين خطورة ارتداء الحذاء والقدم لا تزال مبللة بالماء، فالمسألة لا تتعلق فقط بشعور بعدم الراحة أو رائحة كريهة عابرة، بل قد تتطور إلى أمراض خطيرة تصيب الجلد والعظام والمفاصل، خاصة عند النساء والأطفال الذين يملكون بشرة أكثر حساسية وقدرة أقل على مقاومة البكتيريا والفطريات.

الماء حين يحتبس داخل الحذاء يتحول إلى بيئة مثالية لتكاثر الفطريات والبكتيريا التي تتغلغل في الجلد وبين الأصابع، مما يتسبب في التهابات جلدية تبدأ ببقع صغيرة وحكة، لتتطور إلى تشققات مؤلمة أو حتى قروح يصعب علاجها مع الوقت.

من أبرز الأمراض التي قد يسببها ارتداء الحذاء على قدم مبللة هو ما يعرف بـ"فطريات القدم" أو "قدم الرياضي"، وهو التهاب جلدي مزمن ينتشر بسرعة بين الأصابع ويُحدث حكة مقلقة وروائح كريهة وتقرحات مؤلمة يصعب تحملها.

النساء معرضات بشكل خاص لهذا النوع من الالتهابات بسبب الأحذية الضيقة والمغلقة التي لا تسمح للقدم بالتنفس، ومع مرور الوقت قد تنتقل العدوى من الجلد إلى الأظافر، فتتحول الأظافر إلى سميكة وهشة، وقد تتغير ألوانها أو تسقط بشكل نهائي.

أما الأطفال، فإن ارتداء أحذية مبللة أثناء اللعب أو الذهاب للمدرسة قد يكون المدخل الأول للإصابة بمشاكل مزمنة في الأظافر أو العظام، خاصة أن جلدهم لا يزال في طور النمو، والاحتكاك مع البلل المتواصل يضعف مقاومته للعدوى ويهيّئ الجسم لاستقبال الأمراض.

الرجال بدورهم ليسوا في مأمن، خصوصًا الذين يشتغلون في المهن الميدانية أو يسيرون لمسافات طويلة، فتعرض الأقدام للرطوبة المستمرة تحت ضغط الحذاء يمكن أن يؤدي إلى التهابات المفاصل أو حتى تقرحات عميقة تعرف باسم "قرح الضغط".

وما يُفاقم الوضع هو تجاهل الكثيرين للأعراض الأولى، والاكتفاء بغسل القدم أو تغيير الحذاء، دون إدراك أن العدوى تكون قد استوطنت الجلد، وتحتاج إلى علاج طبي عاجل وليس مجرد مسكنات منزلية أو مراهم عشوائية.

في حالات كثيرة، تؤدي هذه الالتهابات إلى فقدان الإحساس في أصابع القدم أو تورمات تعيق المشي، وفي حالات أخطر قد تصل إلى إصابات بالعظام تتطلب جراحة، خاصة لدى مرضى السكري الذين يُعتبرون الأكثر عرضة لأي إصابة في الأرجل.

المثير للقلق أن العديد من المغاربة لا يولون هذه التفاصيل أهمية، ويظنون أن الأمر مجرد "ماء ناشف"، دون وعي بكون تلك الرطوبة هي البوابة التي تفتح الطريق لأمراض جلدية ومفصلية مزمنة.

أطباء الأمراض الجلدية يؤكدون أن واحدة من كل ثلاث حالات مراجعة لألم أو التهاب في القدم يكون سببها الأول ارتداء حذاء والقدم غير جافة، وهذه النسبة مرشحة للارتفاع في ظل الجهل المستمر بطرق الوقاية.

من أسوأ ما يمكن أن يقع هو الإصرار على ارتداء الجوارب على قدم مبللة، ثم إدخالها في حذاء مغلق، لأن هذا يُضاعف الاحتباس الحراري والرطوبة، مما يسرّع في تعفن الجلد ونمو البكتيريا داخل مساحات دقيقة بين الأصابع لا تُرى بالعين.

الحل بسيط لكنه يتطلب وعيًا: يجب دائمًا تنشيف القدم جيدًا بمنشفة قطنية بعد كل غُسل، والامتناع كليًا عن ارتداء أي حذاء أو جورب إلا بعد التأكد من أن الجلد جاف تمامًا، بما في ذلك ما بين الأصابع.

ينصح أيضًا بتعريض الحذاء للشمس يوميًا، خصوصًا في فصل الشتاء، لأن أغلب الأحذية تُخزن داخليًا رطوبة اليوم السابق، وتُعاد على الأقدام في اليوم الموالي وكأنها "مصيدة رطبة" جاهزة للإصابة.

ويُفضل استخدام أحذية بمواد تسمح بالتهوية وتجنب الأحذية المصنوعة من البلاستيك أو المواد الصناعية التي تُغلق على القدم كأنها سجن محكم.

الوقاية من هذا الخطر الصامت لا تتطلب ميزانية، بل فقط القليل من الوعي والاهتمام اليومي، لأن صحة القدمين ليست ترفًا، بل هي أساس الحركة والنشاط وجودة الحياة. الحذاء قد يحميك من الشوك، لكنه إذا ارتُدي بللاً، قد يزرع المرض في جسدك.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك