إطعام المساكين وأجر يوم الجمعة بين الإنسان والحيوان في هذا اليوم العظيم

إطعام المساكين وأجر يوم الجمعة بين الإنسان والحيوان في هذا اليوم العظيم
دين / الجمعة 15 أغسطس 2025 - 15:40 / لا توجد تعليقات:

تهنئه بمناسبه ذكرى عيد العرش المجيد

أنتلجنسيا المغرب: الرباط

يوم الجمعة ليس كبقية الأيام، فهو يوم تتجلى فيه النفحات الإيمانية، وتتنزل فيه الرحمات، وتزدهر فيه معاني الخير بين الناس. وفي هذا اليوم المبارك، يزداد فضل الأعمال الصالحة وتتضاعف الحسنات، ويكون إطعام المساكين فيه من أعظم القربات التي يثاب عليها العبد أجرًا مضاعفًا. فالقلوب في هذا اليوم تميل إلى الصفاء، والنفوس إلى العطاء، فتغدو المبادرات الخيرية أكثر أثرًا وأعمق معنى.

إطعام المساكين في يوم الجمعة ليس مجرد عمل إنساني، بل هو عبادة تجمع بين الرحمة والبر والإحسان، وتفتح أبواب الرضا الإلهي. فحينما تمتد يدك بلقمة إلى جائع، فإنك لا تسد رمقه فحسب، بل ترسم على وجهه بسمة وتزرع في قلبه الطمأنينة، وتكون قد شاركت في صناعة الأمل.

هذا اليوم العظيم يذكّرنا بأن الكرم لا يقتصر على المال، بل يشمل كل ما يدخل الفرح على قلوب المحتاجين، حتى لو كان كأس ماء بارد في حر الصيف، أو كسرة خبز مع كلمة طيبة. فالنية الخالصة تجعل من العطاء القليل أجرًا عظيمًا.

واللافت أن الأجر في هذا اليوم لا يقتصر على البشر، بل يمتد ليشمل الإحسان إلى الحيوانات. فقد أوصى الإسلام بالرحمة بكل كائن حي، وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة دخلت الجنة في كلب سقته، وعن أخرى دخلت النار في قطة حبستها. وهذا يذكرنا بأن رحمة المخلوقات جميعًا باب من أبواب الجنة.

إطعام الطيور التي تبحث عن فتات الخبز، أو سقي حيوان أرهقته حرارة الشمس، كلها أعمال تحظى بمكانة عالية عند الله. فكل نفس جائعة أو عطشى، سواء كانت إنسانًا أو حيوانًا، هي أمانة بين يديك.

يوم الجمعة إذن فرصة ذهبية لمضاعفة الأجر، ففيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه. تخيل أن تكون تلك الساعة وأنت في عمل بر، تضع الطعام في يد فقير أو تسقي ماءً لكلب أرهقه العطش، أي عظمة في الثواب يمكن أن تنال.

ومن الجمال في هذا اليوم أن العطاء ينعكس أثره على المعطي قبل الآخذ، فيشعر القلب بخفة وسعادة لا تشبه أي شعور آخر. وكأن رحمة الله التي تنزل في هذا اليوم تفيض أولًا على قلب من أحسن.

إطعام المساكين يوم الجمعة يرسخ روح التكافل الاجتماعي، فحين يرى الفقير أن المجتمع يلتفت إليه ويهتم بحاجته، تزول من قلبه مرارة العوز، ويقوى شعوره بالانتماء، فيتحول من شخص متلقي للعون إلى شخص يشارك في خدمة الآخرين حين تسنح له الفرصة.

وفي المقابل، فإن الإحسان إلى الحيوان ينعكس على القيم الإنسانية نفسها، فالقلب الذي يلين لحيوان ضعيف سيكون أكثر رحمة بالبشر، وأكثر استعدادًا للمشاركة في أعمال الخير.

لا يخفى أن هذا اليوم فرصة أيضًا لتعليم الأبناء قيم العطاء، فيخرجون مع والديهم لتوزيع الطعام أو الماء، فيتعلمون بالقدوة أن الرحمة ليست شعورًا نظريًا، بل فعل ملموس يترك أثرًا على الحياة.

وإذا تأملنا في جوهر هذه الأعمال، وجدنا أنها تعيد التوازن الروحي في حياة الإنسان، وتربطه بخالقه من خلال خدمة خلقه، وتجعل من يوم الجمعة نقطة انطلاقة أسبوعية نحو مزيد من الخير.

الرحمة في يوم الجمعة ليست مجرد شعار، بل هي حركة حياة، تبدأ من القلب وتمتد إلى كل يد وفعل ولسان. فهي التي تجعل من هذا اليوم حدثًا متجددًا يملأ الأرض دفئًا وإنسانية.

وما يميز العطاء في هذا اليوم أن أثره يمتد، فالطعام الذي تعطيه قد يسد جوع إنسان لساعة، لكنه يزرع في نفسه الأمل لأيام، وقد يتذكره في دعوة صادقة تصل إليك في ساعة استجابة.

الإحسان للحيوان في هذا اليوم يفتح كذلك باب البركة، فالرحمة التي تبديها لمخلوق ضعيف تجلب لك من رحمة الله ما لا يخطر على بالك، فالله أرحم بعباده من رحمتهم بأنفسهم.

ويوم الجمعة بما فيه من خطبة وصلاة جامعة، هو وقت مثالي لتذكير الناس بأهمية هذه القيم، وتحفيزهم على المساهمة في الأعمال الخيرية، ليكون الخير جماعيًا لا فرديًا.

إنك حين تعطي في هذا اليوم، فإنك تشارك في تجديد معنى الأخوة الإنسانية، وتؤكد أن القوة الحقيقية ليست في امتلاك المال، بل في القدرة على توجيهه إلى ما ينفع الآخرين.

وإذا كانت أيام الأسبوع تمضي متشابهة، فإن الجمعة تظل مختلفة، لأنها تحمل فرصة لمحو ذنوب أسبوع كامل، وتفتح أبوابًا للأجر لا حصر لها، يكفي أن تطرقها بعمل صالح.

العطاء في هذا اليوم لا يعرف حدودًا، فحتى الكلمة الطيبة أو الابتسامة في وجه محتاج، تعد من الصدقة، وتكون أكثر وقعًا حين تأتي في يوم تضاعف فيه الحسنات.

وفي النهاية، فإن إطعام المساكين والإحسان للحيوان في يوم الجمعة ليسا مجرد فضائل، بل هما تجسيد لجوهر الدين، وإحياء لروح الرحمة التي يريد الله أن تسود بين خلقه. هذا اليوم العظيم فرصة لمن أراد أن يكتب اسمه في سجل المحسنين، وأن يترك في الدنيا أثرًا لا يزول.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك