كلمة الوزير السابق مصطفى الرميد حول مستجدات قانون المسطرة الجنائية على صعيد المرحلة الابتدائية

كلمة الوزير السابق مصطفى الرميد حول مستجدات قانون المسطرة الجنائية على صعيد المرحلة الابتدائية
سياسة / الأحد 07 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

بقلم : مصطفى الرميد/وزير عدل سابق

شرفني السيد رئيس المحكمة  الزجرية بالدارالبيضاء،  والسيد وكيل الملك بها ، بدعوتهما للمشاركة في ندوة  حول القانون الجديد للمسطرة  الجنائية  المقرر دخوله حيز التنفيد يوم 8 دجنبر 2015.

وقد كانت مداخلتي تحت عنوان: مستجدات قانون المسطرة الجنائية على صعيد المرحلة الابتدائية.

  هذا نص المداخلة:

وانا اجلس في منصة الالقاء،  امام هذه الثلة من القاضيات والقضاة والمحاميات والمحامين، استحضر قول النبي ( ص) : (نضر الله امرؤا سمع حديثا  فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب حامل فقه الى من هوافقه منه).

بداية،يهمني التاكيد على ان هذا القانون الجديد  ،انما كان بفضل جهود وطنية مختلفة، ونتيجة عمل تراكمي عبر السنين، منذ مناظرة مكناس سنة2004، مرورا بتوصيات هيئة الانصاف والمصالحة سنة 2005،ومقتضيات الدستور الجديد لسنة 2011، وتوصيات الحوار الوطني حول اصلاح منظومة العدالة سنة 2013، والتي بلغت مايهم  العدالة الجناىية منها،37توصية من اصل 200توصية، اضافة الى الاستلهام من الاجتهاذ  القضائي الخلاق لمحكمة النقض .

و انه بمجرد مصادقة جلالة الملك على  توصيات ميثاق اصلاح منظومة العدالة ، بدا الاشتغال على النسخة الأولى لهذا القانون، التي هياتها اطر قضائية متمرسة وراىدة في مديرية الشؤون الجنائية والعفو.

وبعدها، تم تشكيل لجنة علمية ، تكونت من قضاة هذه المديرية ، اضافة الى اعلام القضاة من جميع المستويات، من الرئاسة والنيابة العامة بكل مستوياتهما، فضلا عن ممثلين لقضاء التحقيق، كما ساهم محامون بارزون ،  ومعهم أساتذة جامعيون متخصصون، فضلا عن اطر سامية من الامن والدرك وغيرهما، حيث اشتغل الجميع حوالي سنة كاملة.

وقد اسفرت الجهود الجماعية لهذه اللجنة عن انجاز المسودة التي تحمل تاريخ 2015، هذه المسودة هي اصل المشروع الذي  تم ادخال تعديلات جيدة عليه، عبر السنوات الماضية، وبالاخص في المرحلة الحالية ، بقدر ما ادخلت عليه تعديلات غير مستحسنة ،كما هو الحال بالنسبة للمادة  الثالتة والسابعة وغيرهما .

وقد قام البرلمان بغرفتيه بادراج تعديلات مفيدة على نص المشروع، لتتم المصادقة عليه على الحالة التي هو عليها الان.

ان هذا القانون بطبيعته لصيق بالحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، لذلك كان يفضل عرضه على المحكمة  الدستورية  لتقول كلمتها بشان العديد من مقتضياته الملتبسة، الا ان الاحساس ، فيما اعتقد، بكون الرقابة  الدستورية قد تؤدي الى الغاء بعض مقتضياته ذات الطبيعة الاساسية والصلبة، جعل من يهمهم الامر يناون  بانفسهم عن ممارسة حق الاحالة، وهكذا خرج هذا القانون بما له وماعليه،وهو في الحقيقةقانون مفيد ومهم ، وان  لابسته  مقتضيات مثيرة للنقاش.

واني في هذه المداخلة ، ساعتمد منهجا استعراضيا ،ووصفيا، بالبيان والتبيين، عوض النقد والتقييم، مقتصرا على مايهم المرحلة الابتدائية، كماهو مقرر في عنوان المداخلة، وذلك كما يلي؛

اولا، تعزيز حقوق الدفاع  وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة.

وقد تجلى ذلك في عدة احكام جديدة، تشمل جميع مراحل المسطرة، وصلت احيانا  مدى محترما ، الا انها  احيانا أخرى، تركت فراغات ونقائص ينبغي استدراكها في القادم من السنين.

-ان من اهم ماورد في هذا السياق،  هو انه اصبح من واجب وكيل الملك  ، اشعار المحامي ، وعند الاقتضاء الضحية، او المشتكي بالمال والاجراات المتخدة بشان الشكايات المتوصل بها داخل اجل اقصاه خمسة عسر يوما  من تاريخ اتخاد القرار  .

 

 - كما انه في حالة الحفظ،  يمكن لمن يهمه الامر التظلم من قرار وكيل الملك او نائبه لدى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف، كما تقرر ذلك المادة40.

-لقد نص القانون الجديد في المادة 74.1،  على  احقية المحامي في الحضور للاستنطاق الذي  يخضع له المتهم امام النيابة العامة،  كما كان مقررا في القانون  القديم، الا انه اضافة الى  احقيته ايضا قي  التماس  اجراء فحص طبي على موكله، والادلاء بالوثائق، يمكنه طرح الاسئلة، وابداء الملاحظات، وكل ذلك بعد الانتهاء من الاستنطاق، وهو تطور حقوقي مسطري يعزز حقوق الدفاع بشكل مفيد.

- لقد نص القانون الجديد على حالات   محددة تهم الوضع تحت الحراسة النظرية، وذلك باعتبارها تدبيرا استثنائيا، لا يتم اللجوء اليها الا اذا تبين  انها ضرورية لاسباب عددها ستة،  وهي:

1- الحفاظ على الادلة ، والحيلولة دون تغيير  معالم الجريمة.

2- القيام بالابحاث والتحريات التي تستلزم حضور و مشاركة المشتبه فيه.

3-وضع المشتبه فيه  رهن اشارة  العدالة،  والحيلولة دون فراره.

-4الحيلولة دون ممارسة اي ضغط  على الشهود او الضحايا  او اسرهم او اقاربهم.

5-  منع المشتبه فيه  من التواطؤ مع الاشخاص  او المشاركين في الجريمة.

6- وضع حد للاضطراب الذي احدثه الفعل  بسبب خطورته  او ظروف ارتكابه، او الوسيلة التي استعملت في ارتكابه، او اهمية الضرر الناتج عنه ، او بالنظر لخطورة  المشتبه فيه .

- وقد نصت  هذه المادة ايضا على انه يجب على النيابة العامة  التاكد من تحقق الاسباب المذكورة.

واذا كانت هذه الاسباب عامة الى درجة يمكن وصفها بالفضفاضة، فان ذلك ناتج عن ارادة مبيتة للمشرع، اذ في الوقت الذي يستهدف عدم التضييق لدرجة ارباك سير البحث في بعض الحالات، الا انه اراد ايضا ان يشعر مؤسسة الشرطة القضائية  ، وقبل ذلك مؤسسة النيابة العامة،  بحساسية هذا الاجراء واستثنائيته، حتى لايتم التوسع فيه.

لذلك، فان مؤسسة النيابة العامة  من واجبها تدقيق الحالات ، والتاكد من ضرورة الوضع تحت الحراسة النظرية  بحس  قضائي انساني ، اذ ان هذا الاجراء، وان كان ماذونا لضابط الشرطة للقيام به طبقا للمنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة66، فان ذلك منوط  بتحقق شرط الاستثنائية من خلال مراقبة النيابة العامة  .

- لقد قررت المادة 66.2 ماقرره  الدستور من الحق في الصمت، الا انها اضافت مقتضى توضيحيا مفاده عدم اعتبار الصمت  اعترافا ضمنيا  بما هو منسوب الى الشخص الموضوع  تحت الحراسة  النظرية، مع العلم انه كان ينبغي ان يكون النص شاملا لكافة الاشخاص  المشتبه فيهم، وليس فقط  بالنسبة للاشخاص الموضو عين تحت الحراسة النظرية كما ينطق بذلك النص.

 واعتقد انه وباعتبار ان القياس معتمد في مادة المسطرة الجنائية، خاصة اذا كان لصالح المتهم، فان القضاء بامكانه تعميم هذا المقتضى بالنسبة لكافة حالات المشتبه فيهم.

- لقد منح القانون  الجديد الشخص الذي القي عليه القبض او وضع تحت الحراسة النظرية  الاستفادة من مساعدة قانونية، بما في ذلك طلب تعيين محام في اطار المساعدة القضائية، وهو مايستدعي من نقيب المحامين العمل على تكليف محامين جاهزين للقيام   بهذا الواجب في اي وقت يطلب منه ذلك. وقد تم النص على ان الاتصال يكون من الساعه الاولى لوضع المعني بالامر تحت الحراسة النظرية، دون اذن مسبق من النيابة العامة،كما كان في القانون القديم،.

 غير  انه وبطلب من ضابط الشرطة ، فيما يخص الجرائم المنصوص عليها في المادة 108، يمكن للنيابة العامة ان تقرر تاخير هذا الاتصال  ،بصفة استثنائية، على الاتتجاوز مدة التاخير نصف المدة الاصلية، و هي 24ساعة من اصل 48 ساعة لعموم الجرائم ، كما هو معلوم،  وبالنسبة لجراىم الارهاب وامن الدولة فهي 48 من اصل 96ساعة.

الا ان هذا الاتصال بين المحامي وموكله يتم خلال نصف ساعة فقط، تحت مراقبة ضابط الشرطة القضائية ، في ظروف تكفل السرية، بمعنى ان الضابط بامكانه ممارسة المراقبة البصريةدون السمعية.

-لقد قررت المادة 66.3مقتضيات  تهم التسجيل السمعي البصري للمشتبه فيه اثناء قراءة تصريحاته المضمنة بالمحضر ، ولحظة توقيعه اوابصامه او رفضه، لكنه اوردت قيودا على هذا الاجراء قللت من اهميته.

 ذلك انه يهم فقط الجنايات والجنح المعاقب عليها بخمس سنوات فاكثر،  مع ان عموم الجنح هي التي كان ينبغي اضفاء حماية اكثر للمعنيين بها، باعتبار المادة 290من قانون المسطرة الجنائية،  التي تنص على انه يعتد  ( سابقايوثق) بالمحاضر التي  يحررها ضباط الشرطة القضائية،  في شان التثبت من الجنح والمخالفات، الى ان يثبت العكس  باي وسيلة من وسائل الاثبات، خصوصا وان الجنح المعاقب عليها باكثر من خمس سنوات تبقى محدودة العدد. كما انه تقرر تحديد كيفيات اجراء التسجيل السمعي البصري  بنص تنظيمي، ثم جاء بعد ذلك في المادة 755في فقرتها الاخيرة، ان هذا المقتضى لايدخل حيز التنفيد الا بعد انصرام خمس سنوات على صدور النص التنظيمي  المذكور، وهو مايعتبر بدعة تشريعية غير مقبولة.

 وان مما يسجل على هذا القانون ،هو تراجعه عما كان مسطرا في مسودته لسنة2015، في المادة67.1التي كانت تنص على الاتي:( يقوم ضابط الشرطة القضائية  بتسجيل سمعي بصري لاستجوابات الاشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية  المشتبه في ارتكابهم جنايات او جنحا....) كما نصت المادة67.3من المسودة ايضا على انه(اذا تعلق الامر بالاستماع الى مشتبه فيه بارتكاب جناية او جنحة، ولم يكن موضوعا تحت الحراسة النظرية،  فان الاستماع اليه، يمكن ان يتم بحضور محاميه المختار).

- لقد قررت المادة66.4 احقية المحامي في حضور عملية الاستماع الى المشتبه فيهم من قبل الشرطة القضائية، اذا تعلق الامر بالاحداث  او بذوي العاهات، وهم الابكم والاعمى او المصاب باي عاهة من شانها الاخلال بحقه في الدفاع، كما هو منصوص عليه في المادة 316من هذا القانون، وهذا يعني ان هذا المقتضى يهم فىة خاصة من ذوي الاعاقة الذين لديهم صعوبات في  التواصل، دون غيرهم، مما يستوجب تاكد وكيل الملك من ذلك قبل الاذن للمحامي بالحضور مع المعني بالامر.

-ان الحراسةالنظرية اصبحت منظمة بمقتضيات جديدة اهمها، ان  سجلها الذي ينبغي ان يمسك من قبل الشرطة القضائية يتم التوقيع فيه من قبل الشخص المعني او  بالابصام، وفي حالة الرفض يشار الى ذلك في السجل.

-اضافة الى مقتضيات تتظيمية اخرى، فقد اصبح لزاما انجاز سجل الكتروني وطني وجهوي للحراسة النظرية، ويتم الاطلاع عليه عن بعد، من قبل رءيس النيابة العامة  ،والسلطات القضائية المختصة، والجهات المخول لها قانونا بذلك، وذلك لضمان احترام الشرطة القضائية للمدد المحددة قانونا، حفاظا على حقوق الأشخاص وحرياتهم.

-كما انه ، وتبعا، للمادة74 التي تهم حالة التلبس، وكذا ، المادة47.1المتعلقة بغير حالة التلبس،  اذا تبين ان تدابير المراقبة القضائية  المنصوص عليها في الفصل 161 غير كافية، او ان مثول الشخص امام المحكمة في حالة سراح  من شانه التاثير على حسن  العدالة،  فانه يمكن  لوكيل الملك  تبعا للمادة47.1،ان يقرر تطبيق مسطرة الإيداع بالسجن،  وذلك  لاسباب اربعة وهي:

 1. اذا اعترف المتهم بالأفعال المكونة للجريمة،  التي يعاقب عليها بالحبس، او ظهرت علامات او ادلة قوية على ارتكابه لها او مشاركته فيها، ولا تتوفر فيه ضمانات كافية للحضور.

2. اذا ظهر انه خطير على النظام العام،  او على سلامة الاشخاص  او الاموال.

3. اذا كان الامر يتعلق بافعال خطيرة، او اذا كان حجم الضرر الذي احدتثه الجريمة جسيما.

4. اذا كانت الوسيلة المستعملة  في ارتكاب الفعل  خطيرة.

-  ان من  واجب  وكيل الملك تعليل قراره ، لتتمكن الهيئة  القضائية التي ستنظر في صحة قراره ، من تقييم صحة هذا القرار .

ذلك ان المادة 47.2  قررت ان من حق المتهم اودفاعه الطعن في الامر بالايداع بالسجن الصادر عن وكيل الملك، وفق ماهو مقرر اعلاه، وذلك امام هيئة الحكم التي ستبت في القضية، وفي حالة تعذر ذلك ،  فيتم تشكيل هيئة من ثلات قضاة، لتبت في الطعن الى غاية اليوم الموالي  لصدور الامر بالايداع بالسجن.

 وتكون مهمة هذه الهيئة  التحقق من توفر  الشروط القانونية، المستند اليها في قرار الايداع، وتامر برفع حالة الاعتقال ، في حالة عدم توفرشروطها  بمقتضى قرار مستقل، ويكون هذا القرار قابلا للطعن بالاستئناف،  غير ان طعن النيابة العامة يبقي المتهم في حالة اعتقال الى غاية بث غرفة الجنح الاستئنافية  بمحكمة الاستئناف في الطعن.

-وقد قررت المادة47.2 ان الحكم بالرفض لايحول دون

الاستىناف كما سبق بيانه، كما انه لايحول دون  طلب الافراج المؤقت لاحقا.

- و بالنسبة لقضاء التحقيق فقد اصبح  اختياريا حسب تقديروكيل الملك ، مع الاقتصار  على الجرائم المنصوص عليها في المادة 108،وفي حالة وجود نص خاص.

 ومعلوم ان جريمتي النصب وخيانة الامانة  على سبيل المثال، غير منصوص عليهما في المادة المذكورة، وهو ماسيؤدي الى ان تصبح هاتان الجريمتان اللتان كانتا كثيرا مايحقق في شانهما قضاء التحقيق، غير مشمولتان باختصاصه في القانون الجديد، وهو مسلك تشريعي غير موفق، اذ كان على المشرع ان لايقصر التحقيق على الجرائم  المنصوص عليها في المادة 108، بل يبقي على ماكان مقررا لوكيل الملك من حق في  الاحالة الاختياريةبالنسبة للجنح التي يكون حدها الاقصى للعقوبة المقررة لها خمس سنوات فاكثر.

 ومع ذلك، فاني اؤكد على اهمية اجراء التحقيق التكميلي المقرر في المادة 362، كلما اكتنف القضية غموض، او لابستها معطيات تتطلب تعميق التحقيق بشانها، وفك تعقيداتها .

-وفي هذا السياق، فان قاضي التحقيق اصبح ملزما بمقتضى المادة 175 ان لايامر بالاعتقال الاحتياطي باعتباره تدبيرا استثنائيا  ، الا اذ ظهر له انه تدبير ضروري لاسباب محددة ، عددها ثمانية، حين يتعذر تطبيق تدبير اخر بديل عنه، وذلك بمقتضى  قرار كتابي يبين الاسباب المبررة للاعتقال، هذا، مع العلم انه  بمقتضى المادة 161،  تم استحداث تدبير جديد من تدابير المراقبة القضائية وهو الوضع تحت المراقبة الالكترونية،  وهو اجراء يحد من حرية الاشخاص، وان كان ليس الى درجة الاعتقال، حيث قررت المادة 174.2ان القيد الالكتروني يسمح برصد تحركات المتهم داخل الحدود الترابية التي يحددها قاضي التحقيق   ، مع العلم ان هذه المادة تحيل عليها المادة 40المتعلقة بصلاحيات وكيل الملك الذي له الحق في الامر بذلك بدوره، وبالتالي ، فان وكيل الملك معني بهذا التدبير الذي نتمنى تفعيله  بدل الاعتقال  قدر الامكان.

وبالطبع ، فان  امر قاضي التحقيق  بالايداع في السجن المتخد بنص المادة 152، يمكن الطعن فيه بالاستئناف ، امام الغرفة الجنحية، كما هو مقرر في المادة 223 من القانون الجديد.

-وتجدر الاشارة الى ان امد الاعتقال الاحتياطي  اصبح في حدود شهر واحد، قابل للتمديد مرة واحدة فقط، وهو مايعني الاقتصار على شهرين في الاقصى في الجنح ،  عوض مدة ثلاتة اشهر التي كانت مقررة في القانون القديم، وهو مايستوجب الانتباه الى ماتفضل به السيد رئيس النيابة العامة من توجيهات في الموضوع، قبل يوم 8 من هذاالشهر الذي يمثل بداية نفاذ هذا القانون،  كما هو معلوم، والذي لا تفصلنا عنه الاثلاتة ايام ، وذلك باتخاد مايجب بشان كل الحالات الخاصة بالمعتقلين احتياطيا لدى قضاء التحقيق، والذين سيكونون في هذا التاريخ قد استكملوا شهرين اثنين، وذلك اما باحالتهم على المحكمة، او اطلاق سراحهم، ومثل ذلك بالنسبة لحالات المراقبة القضائية التي اصبحت محصورة في شهر واحد قابل للتمديد مرتين ، اي في حدود ثلاتة اشهر فقط، وهو مايعني وضع حد لكل تدابير المراقبة القضائية التي استوفت هذه المدة، بشكل ارادي من قبل من له الحق.

-وقد اصبح من حق الهيئة القضائية التي تنظر في القضية،ان تقرر تلقائيا، في مدى استمرارية الاعتقال الاحتياطي، او تدابير المراقبة القضائية، وفق مانصت عليه المادة 299من القانون الجديد.

-كما يجذر  التذكير ان المادة 618من القانون  الجديد اعتبرت ان المعتقل احتياطيا هو كل متهم في مرحلة التحقيق او المحاكمة الذي لم يصدر بعد في حقه حكم او قرار قضائي، وبهذا  التعريف الجديد سيتم اعادة صياغة الاحصاات المتعلقة بعدد المعتقلين احتياطيا بشكل دقيق، يتماشى مع ماهو مقرر دوليا، وهو ماسيجعل نسبة المعتقلين احتياطيا من مجموع الساكنة السجنيةلن تتجاوز نسبة 15الى 20%.

-وان من جملة المستجدات التشريعية التي ستؤدي الى تعزيز حقوق الدفاع مانصت عليه المادة139من وجوب وضع ملف القضية المعروض على قاضي التحقيق،  ورقيا او على دعامة الكترونية ، رهن اشارة محاميي المتهم و الطرف المدني قبل كل استنطاق او استماع. كما نصت ايضا على حق محامي اي طرف منهما في الحصول على نفقتهما على نسخة من محضر الشرطة القضائية،  وباقي  وثائق الملف، دون قيد او شرط ،الاشرط عدم تسليم اي نسخة من المحضر او الوثاىق للغير تحت طائلة العقوبات  المقررة في الفصل 446 ، من القانون الجنائي ، وذلك باسثثناء قضايا الارهاب والمس بامن الدولةالتي تم تنظيم موضوعها بمقتضيات خاصة..وهو ماسيحد من العديد من المشاكل التي تطرا احيانا بين قضاة التحقيق والدفاع.

 -لقد تقرر بمقتضى المادة 67 اخضاع الشخص  الموضوع تحت الحراسة النظرية  لفحص طبي بعد اشعار  النيابة العامة،  اذا لاحظ  الضابط عليه مرضا او علامات او اثارا تستدعي ذلك، ويضاف التقرير الذي ينجزه طبيب مؤهل لممارسة الطب الشرعي ، او طبيب اخر في حالة تعذر ذلك الى  المحضر المنجزالمحال على النيابة العامة.

 وبناء عليه، قررت المادة 74.1،انه  يجب على وكيل الملك، اذا طلب منه اجراء فحص طبي من  طرف المشتبه فيه او محاميه او عاين بنفسه  اثارا تبرر ذلك، ان يخضع المشتبه فيه  لذلك الفحص يجريه طبيب  مؤهل لممارسة مهام الطب الشرعي، او طبيب اخر ، في حالة تعذر ذلك ، وهنا يجب التاكيد على ان الطب الشرعي هو الطب المعتمد من قبل الاليات الاممية ، خصوصا وان بروتوكول إسطنبول هو المؤطر لعمله، وهو ما لا يحيط به الا هذا الصنف من الاطباء، واذا كان النص قد اذن بانتداب طبيب اخر ، فان ذلك ينبغي ان لايقع الا في حالة عدم وجود طبيب شرعي، كما هو الحال في بعض المناطق البعيدة في  المملكة، على خلاف الدار البيضاء، التي يجب فيها اعتماد الاطباء الشرعيين وحدهم في موضوع ادعاء التعذيب.

-ولان المملكة المغربية قررت الالتزام بتنفيد اتفاقية  مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية ... التي صادقت عليها، ونشرتها بالجريدة الرسمية، فان القانون الجديد، تطبيقا لمقتضياتها، قرر في الفقرة الأخيرة من  المادة74.2، بان اعتراف المتهم المدون في محضر الشرطة القضائية،  يكون باطلا، في حالة رفض الفحص الطبي، اذا كان قد طلبه المتهم او دفاعه وفقا للفقرات الثامنة والتاسعة منها.

لذلك ينبغي اولا، ان لاتتردد النيابة العامة في اتخاد القرار الواجب بعرض المتهم على الطب الشرعي اذا طلب منها ذلك.

وثانيا ، ان لايتردد القضاء في ترتيب البطلان في حالة عدم القيام بذلك، حماية للامن الجسدي للناس، من جهة،  و لسلامة المسطرة من جهة ثانية، واخيرا،صونا للسمعة الحقوقية للدولة في علاقتها بالتزاماتها الدولية، تاكيدا لموقفها المناهض للتعذيب الممنهج الذي اصبح جزء من الماضي المؤلم.

 -وفي اطار تعزيز حقوق الدفاع تجذر الاشارة الى ان المادة314نصت على ان تخلف المتهم عن الحضور او غيابه عن الجلسة، لايحول دون حقه في الدفاع  والاستماع الى مرافعة محاميه من طرف المحكمة، ولا يخفى ما لهذا  المقتضى من اهمية بالنسبة لحقوق الدفاع، خاصة وانه جاء ليزكي اجتهاذا لمحكمة النقض  قرر هذا المعنى.

-وقد نصت المادة40على اجراء في غاية الاهمية، كان قد عولج سنة 2013من خلال منشور صدر عن وزير العدل والحريات،  وهو ان وكيل الملك  الذي منحه القانون حق الامر بنشر برقيات البحث  على الصعيد الوطني  في حق الاشخاص المشتبه فيهم، او لضرورة تنفيد مقررات قضائية بعقوبات سالبة للحرية، او في اطار الاكراه البدني، اوجب عليه هذا القانون الجديد،  القيام تلقاىيا، او بناء على طلب  من له مصلحة في ذلك، بالسهر على الغاء برقية البحث ، خاصة بسبب تقادم الجريمة او العقوبة المقررة.

وقد اصدر رئيس النيابةالعامة  دورية في الموضوع قبل بدء نفاذ هذا القانون، وعلى اثر ذلك تم الغاء عشرات الالوف من  برقيات البحث  في حميع ارجاء المملكة.

ثاني

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك