2025:السنة التي احترقت فيها المنطقة العربية والمغرب في قلب العاصفة المناخية

2025:السنة التي احترقت فيها المنطقة العربية والمغرب في قلب العاصفة المناخية
تقارير / السبت 06 دجنبر 2025 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي

كشفت آخر البيانات المناخية أن سنة 2025لم تكن مجرد فصل حار آخر، بل محطة مفصلية تُعلن بوضوح أن المنطقة العربية دخلت عصر الحرارة القصوى والجفاف المزمن. إحدى عشرة دولة عربية، بينها المغرب، سجّلت أعلى درجات الحرارة منذ بدء عمليات القياس، في سابقة تؤكد أن التحولات المناخية خرجت عن السيطرة وأن آثارها تضرب قلب المنطقة بلا رحمة.

التقرير الحديث، الذي أنجزته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشراكة مع مؤسسات إقليمية، يرسم لوحة قاتمة لواقع مناخي يزداد اضطراباً. فكل المناطق العربية دون استثناء شهدت ارتفاعات حرارية فوق المعدل الإقليمي للفترة 1991-2020، لكن شمال إفريقيا كان الأكثر تأثراً، إذ تجاوزت درجات الحرارة في المغرب والجزائر وتونس عتبة درجتين مئويتين فوق المتوسط، وهو فارق كافٍ لإحداث اختلالات بيئية وزراعية واقتصادية واسعة.

المعطيات المسجلة حول الأمطار تُظهر مفارقة قاسية. ففي حين عرفت بعض مناطق الجزيرة العربية والسودان هطولات تجاوزت 150% من المعدل، تعرّضت شمال إفريقيا، ومن ضمنها السواحل المغربية والمناطق الشمالية للجزائر، لنقص حاد في الأمطار بلغ 40% دون المتوسط. هذه الفجوة بين وفرة الأمطار هنا وندرتها هناك عمّقت هشاشة منطقة تضم أصلاً بعضاً من أكثر الدول معاناة من ندرة المياه في العالم.

الجفاف الذي ضرب شمال غرب إفريقيا أصبح الآن حالة بنيوية، لا مجرد ظاهرة موسمية. ستة مواسم متتالية من قلة التساقطات حوّلت الأراضي إلى مساحات عطشى، ودفعت بحقينات السدود إلى مستويات خطيرة. أحد أخطر المؤشرات كان الانهيار الحاد في مخزون سد المسيرة بالمغرب، الذي تراجع إلى نسبة لا تتجاوز 1 إلى 2% مطلع 2024، وهو ما يهدّد إمدادات الري ومداخيل آلاف الفلاحين حول الدار البيضاء.

أما نتائج هذا الوضع على الأمن الغذائي فكانت كارثية. إنتاج القمح في دول المغرب العربي تراجع بشكل ملحوظ، والمزارعون، من المغرب إلى تونس وصولاً إلى العراق، اضطروا لتقليص المساحات المزروعة بسبب ندرة المياه. وفي المقابل، تسببت أمطار غزيرة وفيضانات عنيفة في السعودية والبحرين والإمارات في خسائر بشرية ومادية، ما يعكس أن المنطقة عالقة بين طرفي نقيض: جفاف خانق هنا، وسيول مدمرة هناك.

سنة 2024 ليست رقماً في سجلات المناخ، بل إنذار قوي بأن الاختلالات المناخية تضرب المنطقة العربية في عمق أمنها المائي والغذائي والاجتماعي. ما حدث هذا العام ليس نقطة عابرة، بل علامة على مستقبل شديد القسوة إذا لم تُتّخذ قرارات جريئة تتجاوز الخطابات إلى سياسات واقعية وجذرية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك